للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

٦ - (ومنها): أن قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا" في جواب "أفنكحُلها؟ "، وقوله: في حديث أم عطية - رضي الله عنها - المذكور بعده: "لا تكتحل" دليل على تحريم الاكتحال على الحادّة، سواء احتاجت إليه أم لا، وجاء في الحديث الآخر في "الموطإ" وغيره في حديث أم سلمة - رضي الله عنها -: "اجعليه بالليل، وامسحيه بالنهار".

ووجه الجمع بين الأحاديث أنها إذا لم تحتج إليه لا يحلّ لها، وإن احتاجت لم يجز بالنهار، ويجوز بالليل، مع أن الأولى تركه، فإن فعلته مسحته بالنهار، فحديث الإذن فيه؛ لبيان أنه بالليل للحاجة غير حرام، وحديث النهي محمول على عدم الحاجة، وحديث التي اشتكت عينها، فنهاها محمول على أنه نهي تنزيه، وتأوّله بعضهم على أنه لم يتحقق الخوف على عينها.

قال الجامع عفا الله عنه: عندي أن تأويل بعضهم بعد تحقّق الخوف أقرب، والله تعالى أعلم.

وقد اختَلَف العلماء في اكتحال المحدّة، فقال سالم بن عبد الله، وسليمان بن يسار، ومالك في رواية عنه: يجوز إذا خافت على عينها بكحل لا طيب فيه، وجوّزه بعضهم عند الحاجة، وإن كان فيه طيب، قال النوويّ - رَحِمَهُ اللهُ -: ومذهبنا جوازه ليلًا عند الحاجة بما لا طيب فيه. انتهى (١).

قال الجامع عفا الله عنه: ما قاله النوويّ - رَحِمَهُ اللهُ - هو الأرجح عندي، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الرابعة): في اختلاف أهل العلم في وجوب الإحداد على المرأة المتوفّى عنها زوجها:

قال النوويّ - رَحِمَهُ اللهُ -: يجب على كلّ معتدّة عن وفاة، سواءٌ المدخول بها، وغيرها، والصغيرة، والكبيرة، والبكر، والثيِّب، والحرّة، والأمة، والمسلمة، والكافرة، هذا مذهب الشافعيّ، والجمهور.

وقال أبو حنيفة وغيره من الكوفيين، وأبو ثور، وبعض المالكية: لا يجب على الزوجة الكتابية، بل يختص بالمسلمة، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يحل لامرأة تؤمن


(١) "شرح النوويّ" ١٠/ ١١٤.