للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بالله واليوم الآخر"، فخصَّه بالمؤمنة، ودليل الجمهور أن المؤمن هو الذي يستثمر خطاب الشارع، وينتفع به، وينقاد له، فلهذا قُيِّد به.

قال الجامع عفا الله عنه: الظاهر أن ما ذهب إليه الحنفيّة، ومن معهم من أن الوجوب خاصّ بالمسلمة هو الأقرب؛ لظاهر النصّ، فليُتأمّل، والله تعالى أعلم.

قال: وقال أبو حنيفة أيضًا: لا إحداد على الصغيرة، ولا على الزوجة الأمة.

وأجمعوا على أنه لا إحداد على أم الولد، ولا على الأمة إذا تُوُفّي عنهما سيدهما، ولا على الزوجة الرجعية.

واختلفوا في المطلقة ثلاثًا، فقال عطاء، وربيعة، ومالك، والليث، والشافعيّ، وابن المنذر: لا إحداد عليها، وقال الحكم، وأبو حنيفة، والكوفيون، وأبو ثور، وأبو عبيد: عليها الإحداد، وهو قول ضعيف للشافعيّ.

قال الجامع عفا الله عنه: ما ذهب إليه الأولون من أن وجوب الإحداد خاصّ بالمتوفّى عنها زوجها، ولا إحداد على المطلقة البائن هو الأرجح؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يحل لامرأة تؤمن بالله، واليوم الآخر تُحدّ على ميت، إلا على زوج … " الحديث، فخصّ الإحداد بالميت، بعد تحريمه في غيره، فتأمله بإنصاف، والله تعالى أعلم.

قال: وحَكَى القاضي قولًا عن الحسن البصريّ؛ أنه لا يجب الإحداد على المطلقة، ولا على المتوفَّى عنها، وهذا شاذّ غريب.

قال الجامع عفا الله عنه: لا يخفى بطلان هذا القول، فتأمله، والله تعالى أعلم.

قال القاضي عياض - رَحِمَهُ اللهُ -: واستفيد وجوب الإحداد في المتوفّى عنها من اتفاق العلماء على حمل الحديث على ذلك، مع أنه ليس في لفظه ما يدل على الوجوب، ولكن اتفقوا على حمله على الوجوب مع قوله - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الآخر، حديثِ أم سلمة، وحديثِ أم عطية في الكُحل، والطيب، واللباس، ومنعها منه، والله أعلم. انتهى (١).


(١) "شرح النوويّ" ١٠/ ١١٢.