للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

[أحدهما]: أن النكاح عقدُ عُمُرٍ، فإذا مات انتهى، والشيء إذا انتهى تقرّرت أحكامه، كتقرّر أحكام الصيام بدخول الليل، وأحكام الإجارة بانقضائها، والعدّة من أحكامه.

[الثاني]: أن المطلّقة إذا أتت بولد يُمكن الزوج تكذيبها، ونفيه باللعان، وهذا ممتنعٌ في حقّ الميت، فلا يؤمَن أن تأتي بولد، فيلحق الميت نسبه، وما له من ينفيه، فاحتطنا بإيجاب العدّة عليها؛ لحفظها عن التصرّف، والمبيت في غير منزلها؛ حفظًا لها.

إذا ثبت هذا، فإنه لا يُعتبر وجود الحيض في عدّة الوفاة في قول عامّة أهل العلم.

وحكي عن مالك أنها إذا كانت حاملًا، مدخولًا بها وجبت أربعة أشهر وعشرٌ فيها حيضة، واتباع الكتاب والسنّة أولى؛ ولأنه لو اعتبر الحيض في حقّها لاعتُبر ثلاثة قروء، كالمطلّقة.

وهذا الخلاف يختصّ بذوات القرء، وأما الآيسة، والصغيرة، فلا خلاف فيهما.

وأما الأمة المتوفّى عنها زوجها، فعدّتها شهران وخمسة أيام، في قول عامّة أهل العلم، منهم سعيد بن المسيّب، وعطاء، وسليمان بن يسار، والزهريّ، وقتادة، ومالكٌ، والثوريّ، والشافعيّ، وإسحاق، وأبو ثور، وأصحاب الرأي، وغيرهم، إلا ابن سيرين، فإنه قال: ما أرى عدّة الأمة إلا كعدّة الحرّة؛ إلا أن تكون قد مضت في ذلك سنة، فإن السنّة أحقّ أن تُتّبع، وأخَذَ بظاهر النصّ وعمومه. واحتجّ الأولون باتفاق الصحابة - رضي الله عنهم - على أن عدّة الأمة المطلّقة على النصف من عدّة الحرّة، فكذلك عدة الوفاة. انتهى كلام ابن قُدامة - رَحِمَهُ اللهُ - (١).

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: عندي أن ما قاله ابن سيرين رحمه الله تعالى في مسألة عدة الأمة هو الحقّ؛ لظاهر الآية، وعدم دليل يخصّصها. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.


(١) "المغني" ١١/ ٢٢٤.