للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

مردودٌ؛ لأنه قد سبق بيان ذلك لهم، فعلى هذا لا تكون لفظة "اشترطي" هنا للإباحة.

وقيل: كان يباح اشتراط الولاء للبائع، مع كونه لا يثبت له، ثم نُسخ بخطبة النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، وهذا جواب ابن حزم الظاهريّ.

وقال النوويّ في "شرحه": الأصح في تأويل الحديث ما قاله أصحابنا في كتب الفقه: إن هذا الشرط خاصّ في قصّة عائشة، واحتُمِل هذا الإذن وإبطاله في هذه القضية الخاصة، وهي قضية عين لا عموم لها، قالوا: والحكمة في إذنه فيه، ثم إبطالِهِ أن يكون أبلغ في قطع عادتهم في ذلك، وزجرهم عن مثله، كما أذن لهم - صلى الله عليه وسلم - في الإحرام بالحجّ في حجة الوداع، ثم أمرهم بفسخه، وجَعْلِهِ عمرةً بعد أن أحرموا بالحجّ، وإنما فَعَلَ ذلك؛ ليكون أبلغ في زجرهم، وقطعهم عما اعتادوه من منع العمرة في أشهر الحج، وقد تُحْتَمَل المفسدة اليسيرة؛ لتحصيل مصلحة عظيمة. انتهى.

وإذا عَرَفت هذه الأجوبة، تبيّن لك ضعف استدلال مَن استدلّ به على اختصاص البطلان بالشرط الفاسد، وأن ذلك لا يتعدى إلى العقد، بل يكون العقد صحيحًا، والشرط فاسدًا، وقد استَدَلّ به على ذلك النسائيّ، وبهذا قال ابن أبي ليلى، وطائفة، والجمهور على خلافه. انتهى كلام وليّ الدين رَحمه اللهُ (١).

قال الجامع عفا الله عنه: في تضعيفه استدلال النسائيّ بالحديث على ما قاله نظرٌ، بل إن استدلاله جيّدٌ، كما لا يخفى على من تأمله، والله تعالى أعلم.

(فَإنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ") قال وليّ الدين رحمه اللهُ: كلمة "إنّما" للحصر، ولولا ذلك لَمَا لزم في إثبات الولاء للمعتِق نفيه عن غيره، لكنها ذُكرت لبيان نفيه عمن لم يُعْتِق، فدلّ على أن مقتضاها الحصر. إذا تقرّر ذلك، ففيه أنه لا ولاء للإنسان على من أسلم على يديه، وبه قال مالك، والشافعيّ، وأحمد، والأوزاعيّ، وسفيان الثوريّ، وداود، والجمهور.

وقال أبو حنيفة، وربيعة، والليث بن سعد: من أسلم على يديه رجلٌ،


(١) "طرح التثريب" ٦/ ٢٣٥ - ٢٣٦.