للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وسيأتي تمام البحث في هذا - إن شاء الله تعالى - في "كتاب الجهاد والسير" في شرح حديث أبي قتادة - رضي الله عنه - عند قوله: "وقال أبو بكر الصدّيق: لا ها الله، إذًا لا يعمد إلى أسد من أُسُد الله، يقاتل عن الله ورسوله، فيُعطيك سلبه". أسأل الله تعالى أن يبلّغني إلى شرح ذلك الحديث، بل وإلى شرح الكتاب كلّه بمنّه وكرمه، إنه جواد كريم، رؤوف رحيم.

(قَالَتْ: فَسَمِعَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -) أي: ما جرى بينها، وبين بريرة (فَسَألنِي) عنه (فَأخْبَرْتُهُ) أي: بتفصيل ذلك، وفي رواية مالك، عن هشام: "فجاءت من عندهم، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - جالسٌ، فقالت: "إني عرضتُ عليهم، فأبوا، فسمع النبيّ - صلى الله عليه وسلم -). وفي رواية: "فسمع بذلك النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، أو بلغه"، زاد في رواية: "فقال: ما شأن بريرة؟ ". وفي رواية عند مسلم، وابن خزيمة: "فجاءتني بريرة، والنبيّ - صلى الله عليه وسلم - جالسٌ، فقالت لي فيما بيني وبينها ما أراد أهلها، فقلت: لا ها الله إذًا، ورفعت صوتي، وانتهرتها، فسمع ذلك النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فسألني، فأخبرته"، لفظ ابن خزيمة. قاله في "الفتح". (فَقَالَ - صلى الله عليه وسلم -: "اشْترِيهَا، وَأَعْتِقِيهَا، وَاشْترِطي لَهُمُ الْوَلَاءَ) هذه الجملة استشكلها العلماء، وسيأتي بيان ذلك في المسألة الآتية آخر الحديث - إن شاء الله تعالى -.

(فَإِن الْوَلَاءَ لِمَنْ أَعْتَقَ") قال القرطبيّ - رحمه الله -: هذا حصر للولاء على من باشر العتق بنفسه، رجلًا كان، أو امرأةً، ممن يصح منه العتق، ويستقل بتنفيذه، وقوة هذا الكلام قوّة النفي والإيجاب، فكأنه قال: لا ولاء إلا لمن أعتق، وإيَّاه عنى النبيّ - صلى الله عليه وسلم - بقوله: "شرط الله أوثق"، في أصحِّ الأقوال وأحسنها، وقد تقدّم تمام البحث في هذا، وبالله التوفيق. (فَفَعَلْتُ) أي: اشترطت لهم الولاء (قَالَتْ: ثُمَّ خَطَبَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - عَشِيَّةً، فَحَمِدَ اللهَ، وَأثنَى عَلَيْهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، ثُمَّ قَالَ: "أمَّا بَعْدُ فَمَا بَالُ أقوَام) أي: ما حالهم؟ (يَشْتَرِطُونَ شُرُوطًا لَيْسَتْ في كتاب الله) قال القرطبيّ - رحمه الله -: أيً: ليس مشروعًا في كتاب الله لا تأصيلًا ولا تفصيلًا، ومعنى هذا أن من الأحكام والشروط ما يوجد تفصيلها في كتاب الله تعالى؛ كالوضوء، وكونِهِ شرطًا في صحة الصلاة، ومنها ما يوجد فيه أصله؛ كالصلاة، والزكاة، فإنهما فيه مجملتان، ومنها ما أصل أصله، وهو كدلالة الكتاب على أصلية السُّنة والإجماع والقياس، فكل ما يُقتبس من هذه