ولا رجوع للمكاتب بذلك، ولا لمن أعطاه على وجه فكاك الرقبة، هذا قول الشافعيّ، وأبي حنيفة، وأصحابهما، وأحمد بن حنبل، ورواية عن شُريح، ومالك، غير أنه قال: إن ما أُعينَ به - على جهة فك رقبته - لا يحل للسيد، ويردّ على ربه، أو قال إسحاق: ما أعطي بحال الكتابة رُدَّ على أربابه، وقال الثوريّ: يجعل السيد ما أعطاه في الرقاب، وهو قول مسروق، والنخعيّ، ورواية عن شُريح.
قال القرطبيّ: وما قاله مالك ظاهر، لا إشكال فيه.
قال الجامع عفا الله عنه: قول القرطبي هذا حسنٌ، والله تعالى أعلم.
[المسألة السادسة]: فيه دليل على أن بيع الأمة ذات الزوج لا يوجب طلاقها، وعليه فقهاء الأمصار، وقد روي عن ابن عباس، وابن مسعود: أنه طلاق لها، والعجب من ابن عباس أنه أحد رواة حديث بريرة، ومع ذلك فلم يَقُل بما رَوَى من ذلك.
[المسألة السابعة]: الولاء - وإن لم يوهب ولم يبع - يصح فيه الجرُّ في صورتين:
إحداهما: هي التي قال فيها مالك: الأمر المجتمع عليه عندنا في ولد العبد من امرأة حُرَّة: أن الحرَّ - أبا العبد - يجرُّ ولاء ولد ابنه الأحرار من امرأةٍ حرَّة، ويرثهم ما دام أبوهم عبدًا، فإن أُعتِقَ أبوهم رجع الولاء إلى مواليه، وإن مات وهو عبد كان الولاء والميراث للجدّ.
وأما الصورة الثانية: فاختَلَف أهل العلم في انتقال الولاء الذي قد ثبت لموالي الأمة المعتقة في بَنيها من الزوج العبد إن أعتق، فرُوي عن جماعة من العلماء: أن ولاءهم لموالي أمهم، ولا يجرّه الأب إن أُعتق، وروي ذلك عن ابن عمر، وعطاء، وعكرمة بن خالد ومجاهد، وابن شهاب وقبيصة بن ذؤيب، وقضى به عبد الملك بن مروان في آخر خلافته، لمّا بلغه قضاء عمر به، وكان قبلُ يقضي بقضاء مروان أن الولاء يعود إلى موالي أبيهم، وبهذا القول قال مالك، والأوزاعيّ، وأبو حنيفة، وسفيان الثوريّ، والليث بن سعد، والشافعيّ، وأحمد، وإسحاق.
[المسألة الثامنة]: ولاء السائبة - وهو: الذي يقول له معتقه: أنت عتيق