للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

سائبة، أو أنت مُسيَّب، أو ما أشبهه -: للمسلمين عند مالك، وجُلّ أصحابه، لا للذي أعتقه، وليمس للمعتق أن يوالي من شاء، وبه قال عمر بن عبد العزيز، وروي عن عمر.

وقال ابن شهاب، ويحيى بن سعيد، والأوزاعيّ، والليث: إنه يوالي من شاء، وإلا فللمسلمين، وكان الشعبيّ وإبراهيم يقولان: لا بأس ببيع ولاء السائبة وهِبَته، وقال أبو حنيفة، والشافعيّ وأصحابهما، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور، وداود: هو لمعتقه لا لغيره، ولا يوالي أحدًا. انتهى ما كتبه القرطبيّ - رحمه الله - على هذا الحديث، وهو بحثٌ مفيدٌ، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

قال الجامع عفا الله عنه: هذا الحديث متّفق عليه، وقد تقدّم تخريجه، وبقيّة مسائله قبل حديث، وأذكر هنا مسألة لم يتقدّم البحث فيها، فأقول:

[مسألة]: في اختلاف أهل العلم في معنى قوله - صلى الله عليه وسلم -: "واشترطي لهم الولاء".

قال القرطبيّ - رحمه الله -: هذه اللفظة - يعني قوله: "واشترطي لهم الولاء" - لفظة انفرد بها هشام، والرواة كلهم لهم لا يذكرونها، وهي مشكلة، ووجه إشكالها: أن ظاهره: أنه أمرها باشتراط ما لا يجوز، ولا يصح، ولا يلزم لمن لا يعلم ذلك ليتم البيع، وذلك حَمْل على ما لا يجوز، وغشٌّ، وغرر لمن لا يعلم ذلك، وكل ذلك محال على النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، ولَمَّا وقع هذا الإشكال العظيم تحزَّب العلماء في التخلص منه أحزابًا، فمنهم من أنكر هذه الرواية عن هشام من حيث انفرد بها عن الحفاظ، وهو: يحيى بن أكثم، والجمهور على القول بصحَّة الحديث؛ لأن هشامًا ثقة، حافظ، إمام، ثم قد روى هذا الحديث الأئمة عنه، وقبلوه، كمالك وغيره مع تَحَرّزهم، ونقدهم، وعلمهم بما يُقْبَلُ وبما يُرَدّ، وخصوصًا أمير المؤمنين بالحديث مالك بن أنس، فقد أخذه عنه، ورواه عُمُرَه لجماهير الناس، ولا إنكار منه، ولا نكير عليه، فصار الحديث مُجْمَعًا على صحته، ولَمَّا ثبت ذلك رام العلماء القابلون للحديث التخلّص من ذلك الإشكال بإبداء تأويلاتٍ، أقربها أربعة:

(الأول): أن قوله: "واشترطي لهم الولاء": أي: عليهم، كما قال