للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الحديث، فروى الخطّابيّ في "المعالم" (١) بسنده إلى يحيى بن أكثم أنه أنكر ذلك.

وعن الشافعيّ في "الأمّ" الإشارة إلى تضعيف رواية هشام المصرّحة بالاشتراط؛ لكونه انفرد بها، دون أصحاب أبيه، وروايات غيره قابلة للتأويل، وأشار غيره إلى أنه رَوَى بالمعنى الذي وقع له، وليس كما ظَنّ.

وأثبت آخرون، وقالوا: هشام ثقةٌ حافظٌ، والحديث متّفقٌ على صحّته، فلا وجه لردّه، ثمّ اختلفوا في توجيهها: فزعم الطحاويّ أن المزنيّ حدّث به عن الشافعيّ بلفظ: "وأشرطي" بهمزة قطع، بغير تاء مثنّاة، ثمّ وجّهه بأنّ معناه: أظهري لهم حكم الولاء، والإشراط الإظهار، قال أوس بن حجر:

فَأَشْرَطَ فِيهَا نَفْسَهُ وَهُوَ مُعْلِمٌ … وَأَلْقَى بِأَسْبَابٍ لَهُ وَتَوَكَّلَا

يعني أظهر نفسه لَمّا حاول أن يفعل.

وأنكر غيره الرواية. والذي في "مختصر المزنيّ"، و"الأمّ"، وغيرهما عن الشافعيّ كرواية الجمهور: "واشترطي" بصيغة أمر المؤنّث من الشرط، ثمّ حكى الطحاويّ أيضًا تأويل الرواية التي بلفظ "اشترطي"، وأن اللام في قوله: "اشترطي لهم" بمعنى "على"، كقوله تعالى: {وَإِنْ أَسَأْتُمْ} [الإسراء: ٧]، وهذا المشهور عن المزنيّ، وجزم به الخطّابيّ، وهو صحيحٌ عن الشافعيّ، أسنده البيهقيّ في "المعرفة" من طريق أبي حاتم الرازيّ، عن حرملة، عنه. وحكى الخطّابيّ، عن ابن خزيمة أن قول يحيى بن أكثم غلطٌ، والتأويل المنقول عن المزنيّ لا يصحّ،

وقال النوويّ: تأويل اللام بمعنى "على" هنا ضعيف؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - أنكر الاشتراط، ولو كانت بمعنى "على" لم يُنكره.

فإن قيل: ما أنكر إلا إرادة الاشتراط في أوّل الأمر.

فالجواب أن سياق الحديث يأبى ذلك.

وضعّفه أيضًا ابن دقيق العيد، وقال: اللام لا تدل بوضعها على الاختصاص النافع، بل على مطلق الاختصاص، فلا بُدّ في حملها على ذلك من قرينة.


(١) ٤/ ٦١.