للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

غيره، فكذلك إذا أعتَقَ عبدًا ثبت له ولاؤه، ولو أراد نقل ولائه عنه، أو أذن في نقله عنه لم ينتقل، فلم يعبا باشتراطهم الولاء، وقيل: "اشترطي"، و"دعيهم يشترطون ما شاؤوا"، ونحو ذلك؛ لأن ذلك غير قادح في العقد، بل هو بمنزلة اللغو من الكلام، وأَخّر إعلامهم بذلك؛ ليكون ردّه، وإبطاله قولًا شهيرًا، يُخطب به على المنبر ظاهرًا، إذ هو أبلغ في النكير، وأوكد في التعبير. انتهى، وهو يؤول إلى أن الأمر فيه بمعنى الإباحة، كما تقدّم. قاله في "الفتح" (١).

قال الجامع عفا الله عنه: أقرب الأجوبة عندي أن الأمر بالاشتراط من باب التهديد، فكأنه قال: اشترطي لهم الولاء، ولا ينفعهم ذلك؛ لعلمهم بأن هذا الشرط باطل، وذلك لأنه بيّن لهم الحكم سابقًا، ولكنهم تساهلوا في ذلك، فأراد أن يأدبهم بالاشتراط الذي لا ينفعهم.

قال القاضي عياض: قال محمد بن داود الأصبهاني: أما قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "اشترطي لهم الولاء" إنما معناه: أن ذلك بعد علمهم، ولم يأمرها - صلى الله عليه وسلم - باشتراطه، ثم يُبطل الشرط، ويصحّح البيع، وهم غير عالمين ببطلانه، وإنما كان هذا منه تهديدًا لمن رغِب عن حكمه، وخالف أمره. انتهى (٢). وهو تحقيق نفيسٌ، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

وبالسند المتّصل إلى المؤلّف - رحمه الله - أوّل الكتاب قال:

[٣٧٧٥]، ( … ) - (وَحَدَّثنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَأَبُو كُرَيْبٍ، قَالَا: حَدَّثنَا ابْنُ نُمَيْرٍ (ح) وَحَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ (ح) وَحَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، وَإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، جَمِيعًا عَنْ جَرِيرٍ، كُلُّهُمْ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، بِهَذَا الإسْنَاد، نَحْوَ حَدِيثِ أَبِي أُسَامَةَ، غيْرَ أَن فِي حَدِيثِ جَرِيرٍ قَالَ: وَكَانَ زَوْجُهَا عَبْدًا، فَخَيَّرَهَا رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَاخْتَارَتْ نَفْسَهَا، وَلَوْ كَانَ حُرًّا لَمْ يُخَيِّرْهَا، وَلَيْسَ فِي حَدِيثِهِمْ: "أمَّا بَعْدُ").


(١) "الفتح" ٦/ ٤٠٥ - ٤٠٧ "كتاب المكاتب" رقم (٢٥٦٣).
(٢) "إكمال المعلم" ٥/ ١١٤.