ورواية جرير، عن هشام ساقها إسحاق ابن راهويه في "مسنده" ٢/ ٢٤٤ فقال:
(٧٤٦) - أخبرنا جرير، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة قالت: كاتبت بريرة على نفسها بتسع أواق، في كل سنة أوقية، فأتت عائشة تستعينها، فقالت: لا، إلا أن يشاؤوا أن أعدّها لهم عَدّة واحدةً، ويكون الولاء لي، فذهبت بريرة، وكلَّمت بذلك أهلها، فأبوا عليها إلا أن يكون الولاء لهم، فجاءت إلى عائشة، وجاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عند ذلك، فقالت لها ما قال أهلها، فقالت: لا ها الله إذًا، إلا أن يكون الولاء لي، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما هذا؟ " فقلت: يا رسول الله إن بريرة أتتني تستعين بي على كتابتها، فقلت: لا، إلا أن يشاؤوا أن أعدّها لهم عَدَّة واحدة، ويكون الولاء لي، وقد ذكَرَتْ ذلك لأهلها، فأبوا عليها، إلا أن يكون الولاء لهم، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ابتاعيها، واشترطي لهم الولاء، وأعتقيها، فإنما الولاء لمن أعتق"، ثم قام، فخطب الناس، فحمد الله، وأثنى عليه، ثم قال:"ما بال أقوام يشترطون شروطا ليس في كتاب الله؟ يقولون: أعتق يا فلان، والولاء لي، كتاب الله أحقّ، وشرط الله أوثق، وكل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل، وإن كان مائة شرط"، فخيّرها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من زوجها، وكان عبدًا، فاختارت نفسها، قال عروة: لو كان حرًّا ما خيّرها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. انتهى، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
وبالسند المتّصل إلى المؤلّف - رحمه الله - أوّل الكتاب قال:
٣٧٧٦١، ( … ) - (حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْب، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ - وَاللَّفْظُ لِزُهَيْرٍ - قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِم، عَنْ أَبِيه، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: كَانَ فِي بَرِيرَةَ ثَلَاثُ قَضِيَّاتٍ: أَرَادَ أَهْلُهَا أَنْ يَبِيعُوهَا، وَيَشْتَرِطُوا وَلَاءَهَا، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالَ:"اشْتَرِيهَا، وَأَعْتِقِيهَا، فَإِنَّ الْوَلَاءَ لِمَنْ أَعْتَقَ"، قَالَتْ: وَعَتَقَتْ، فَخَيَّرَهَا رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَاخْتَارَتْ نَفْسَهَا، قَالَتْ: وَكَانَ النَّاسُ يَتَصَدَّقُونَ عَلَيْهَا، وَتُهْدِي لَنَا، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالَ:"هُوَ عَلَيْهَا صَدَقَةٌ، وَهُوَ لَكُمْ هَدِيَّة، فَكُلُوهُ").