هشام بن عروة، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عائشة:"وكان الناس يتصدّقون عليها، فتُهدي لنا". انتهى.
(فَقَالَ) - صلى الله عليه وسلم - ("هُوَ عَلَيْهَا صَدَقَةٌ، وَهُوَ لَكلمْ هَدِيَّةٌ، فَكُلُوهُ") فيه دليل على أن تحريم الصدقة على الغنيّ، والهاشميّ ليس لعينها، بل لصفتها، فإنه يجوز للمتصدَّق عليه أن يتصرّف في ما تُصُدّق به عليه كيفما شاء، فيجوز له البيع، والهبة، بعدما دخل في ملكه، فيجوز لكل من أهدى إليه أن يأكله.
ومثل هذه الواقعة ما أخرجه الشيخان عن أم عطيّة الأنصاريّة - رضي الله عنها - قال:"دخل النبيّ - صلى الله عليه وسلم - على عائشة، فقال: هل عندكم شيء؟ فقالت: لا، إلا شيء بعثتْ به نُسيبة إلينا من الشاة التي بعثتَ بها من الصدقة، فقال: إنها بلغت مَحِلّها".
قال صاحب تكملة فتح الملهم": وهذا إذا دخل الشي في ملك الواهب، أما إذا لم يدخل في ملكه فلا يسعه أن يهبه لغيره، ولا يحلّ لذلك الغير أن يأخذه منه، فبطل بذلك ما استدلّ به بعض جهلة عصرنا على جواز قبول الهدي من آكل الربا، فإن الربا لا يدخل في ملكه، فكيف يصحّ هبته؟ فليُتنبّه. انتهى (١)، وهو بحث مفيدٌ، والله تعالى أعلم بالصواب.
والحديث متّفقٌ عليه، وقد تقدّم تخريجه، وبيان مسائله، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
وبالسند المتصل إلى المؤلّف - رحمه الله - أوّل الكتاب قال:
[٣٧٧٧]( … ) - (وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدثنَا حُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ، عَنْ زَائِدَةَ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِم، عَنْ أَبِيه، عَنْ عَائِشَةَ؛ أنَّهَا اشْتَرَتْ بَرِيرَةَ مِنْ أُناسٍ، مِنَ الأنصَار، وَاشْتَرَطُواَ الْوَلَاءَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "الْوَلَاءُ لِمَنْ وَليَ النِّعْمَةَ"، وَخَيرَهَا رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، وَكَانَ زَوْجُهَا عَبْدًا، وَأَهْدَتْ لِعَائِشَةَ لَحْمًا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "لَوْ صَنَعْتُم لَنَا مِنْ هَذَا اللَّحْمِ"، قَالَتْ عَائِشَةُ: تُصُدِّقَ بِهِ عَلَى بَرِيرَةَ، فَقَالَ: "هُوَ لَهَا صَدَقَة، وَلنَا هَدِيَّةٌ").