تعالى عنهما المتّفق عليه:"لا ينظر الله إلى من جرّ ثوبه خيلاء". والخيلاء: الكبر، والعجب.
قال النوويّ رحمه الله تعالى: وهذا التقييد بالجرّ خيلاءً يُخصّص عموم المسبل إزاره، ويدلّ على أن المراد بالوعيد من جرّ خُيَلَاءً، وقد رَخّص النبيّ - صلى الله عليه وسلم - في ذلك لأبي بكر الصدّيق - رضي الله عنه -، فقد أخرج الشيخان، من حديث عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما -، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "مَن جَرَّ ثوبه خيلاء، لم ينظر الله إليه يوم القيامة"، فقال أبو بكر: إنّ أحد شقي ثوبي يسترخي، إلا أن أتعاهد ذلك منه، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنك لست تصنع ذلك خيلاء"(١).
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: الحاصل أن الوعيد المذكور خاصّ بمن جرّه خُيلاء، وأما جرّه بغير الخيلاء، فحرامٌ؛ لما أخرجه البخاريّ، من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال:"ما أسفَلَ من الكعبين، من الإزار ففي النار".
[تنبيه]: يستثنى من ذلك النساء؛ لما أخرجه الترمذيّ، وصحّحه، من طريق أيوب، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما، متّصلًا بحديثه المذكور في قصّة أبي بكر - رضي الله عنه -: فقالت أم سلمة: فكيف تصنع النساء بذيولهنّ؟ فقال:"يُرخين شِبْرًا"، فقالت: إذًا تنكشف أقدامهنّ، قال:"فيُرخينه ذراعًا، لا يَزِدن عليه". لفظ الترمذيّ.
قال الحافظ: وقد عزا بعضهم هذه الزيادة لمسلم، فَوَهِمَ، فإنها ليست عنده، وكأنّ مسلمًا أعرض عن هذه الزيادة للاختلاف فيها على نافع، فقد أخرجه أبو داود، والنسائيّ، وغيرهما، من طريق عبيد الله بن عمر، عن سليمان بن يسار، عن أم سلمة.
وأخرجه أبو داود من طريق أبي بكر بن نافع، والنسائيّ، من طريق أيوب بن موسى، ومحمد بن إسحاق، ثلاثتهم، عن نافع، عن صفية بنت أبي عبيد، عن أم سلمة.
وأخرجه النسائيّ من رواية يحيى بن أبي كثير، عن نافع، عن أم سلمة