للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

نفسها، وفيه اختلاف آخر، ومع ذلك فله شاهد من حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما، أخرجه أبو داود من رواية أبي الصّدّيق، عن ابن عمر، قال: "رخّص رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأمهات المؤمنين شبرًا، ثم استزدنه، فزادهنّ شبرًا، فكن يُرْسِلن إلينا، فنذرع لهنّ ذراعًا".

وأفادت هذه الرواية قدر الذراع المأذون فيه، وأنّه شبران بشبر اليد المعتدلة.

قال الحافظ: ويستفاد من هذا الفهم التعقّب على من قال: إن الأحاديث المطلقة في الزجر عن الإسبال مقيّدة بالأحاديث الأخرى المصرّحة بمن فعله خيلاء.

وسيأتي تمام البحث في هذه المسألة في محلّه من "كتاب اللباس" - إن شاء الله تعالى.

[تنبيه]: قال الإمام أبو جعفر محمد بن جرير الطبريّ، وغيره: وذَكَر إسبال الإزار وحده؛ لأنه كان عامّة لباسهم، وحكم غيره من القميص وغيره حكمه.

قال النوويّ: وقد جاء ذلك مبيّنًا منصوصًا عليه من كلام رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، من رواية سالم بن عبد الله، عن أبيه، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: "الإسبال في الإزار، والقميص، والعمامة، مَنْ جَرَّ منها شيئا، خُيَلاء، لم ينظر الله إليه يوم القيامة"، رواه أبو داود، والنسائيّ، وابن ماجه بإسناد حسن. انتهى (١).

وسيأتي تمام البحث في ذلك في "كتاب اللباس" - إن شاء الله تعالى -.

(وَالْمَنَّانُ) زاد في الرواية التالية: "الَّذِي لَا يُعْطِي شَيْئًا، إِلَّا مَنَّهُ".

قال القرطبيّ رحمه الله تعالى: "المنّان": فَعّالٌ من الْمَنّ، وقد فسّره في الحديث، فقال: "هو الذي لا يُعطي شيئًا إلا مّنّه": أي إلا امتنّ به على المعطَى له، ولا شكّ في أنّ الامتنان بالعطاء مبطلٌ لأجر الصدقة والعطاء، مؤذٍ للمعطَى له، ولذلك قال تعالى: {لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى} [البقرة: ٢٦٤].

وإنما كان المنّ كذلك؛ لأنّه لا يكون غالبًا إلا عن البخل، والعجب،


(١) "شرح النوويّ" ٢/ ١١٦.