قال الجامع عفا الله تعالى عنه: هذا الذي قاله شيخ الإسلام - رحمه الله - من ترجيح مذهب مالك في جواز ما تدعو الحاجة إليه من الأشياء التي فيها نوع من الغرر هو الأرجح؛ لقوّة مدركه، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
(المسألة الخامسة): مما يتعلّق بالغرر ما يسمّى الآن بالتأمين التجاريّ، فأذكر هنا آراء العلماء من المعاصرين:
وتعريفه: هو عقدٌ يُلزِم أحد الطرفين، وهو المؤمّن - بالكسر - أن يؤدّي إلى الطرف الآخر، وهو المؤمّن له - بالفتح - عِوَضًا مادّيًّا، يُتّفق عليه، يُدفع عند وقوع الخطر، وتحقّق الخسارة المبيّنة في العقد، وذلك نظير رسم، يسمّى "قسط التأمين"، يدفعه المؤّمَّن له حسبما ينصّ عليه عقد التأمين، إذًا فالمتعاقدان هما: المؤَمِّن، شركةٌ، أو هيئةٌ، والمؤمَّن له، دافع أقساط التأمين.
قال الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ: التأمين مخالف للشريعة الإسلاميّة؛ لما يشتمل عليه من أمور، هي: غرر، وجهالة، ومخاطرة، مما يكون من قِبَل أكل أموال الناس بالباطل، ويشبه الميسر؛ لأنه يستلزم المقامرة، وبالجملة فكلّ من تأمل هذا العقد وجده لا ينطبق على شيء من العقود الشرعيّة، ولا عبرة بتراضي الطرفين، ولكن العبرة بتراضيهما، إذا كانت معاملتهما قائمة على أساس من العدالة الشرعيّة.
قرار هيئة كبار العلماء:
أصدر مجلس هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعوديّة قرارًا عن التأمين التجاريّ برقم ٥٥ وتاريخ ٤/ ١٣٩٧/٤ هـ مطوّلًا، لا يتّسع المقام لنقله كله، بل نكتفي بنقل فقرات منه، فمن أراده فليرجع إليه، جاء فيه ما يلي:
١ - عقد التأمين التجاريّ من عقود المعاوضات الماليّة الاجتماعيّة المشتملة على الغرر الفاحش، وقد نهى - صلى الله عليه وسلم - عن بيع الغرر.
٢ - هو ضرب من ضروب المقامرة؛ لما فيه من المخاطرة في معاوضات ماليّة، ومن الْغُرْم بلا جهناية، ومن الْغُنْم بلا مقابل، أو مقابل غير مكافئ.
٣ - من الرهان المحرّم الذي لم يُبَحْ منه إلا ما فيه نصرة للإسلام، وقد