للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

حَلْبها اليومين والثلاثة، حتى يجتمع لبنها، فيزيد مشتريها في ثمنها بسبب ذلك؛ لظنه أنه عادة لها.

وقال أبو عبيد: هو من صَرَّى اللبنَ في ضرعها؛ أي: حَقَنَه فيه، وأصل التصرية: حبس الماء، قال أبو عبيد: ولو كانت من الربط لكانت مصرورة، أو مُصَرَّرةً.

قال الخطابيّ: وقول أبي عبيد حسنٌ، وقول الشافعيّ صحيحٌ، قال: والعرب تَصُرُّ ضروع المحلوبات، واستَدَلَّ لصحة قول الشافعيّ بقول العرب: لا يَحْسُن الكَرّ، إنما يَحسُن الحلب، والصَّرّ، وبقول مالك بن نُويرة [من الطويل]:

فَقُلْتُ لِقَوْمِي هَذِهِ صَدَقَاتُكُمْ … مُصَرَّرَةً أَخْلَافُهَا لَمْ تُجَرَّدِ

قال: وَيحْتَمِل أن أصل المصرَّاة: مَصْرُورة، أُبدلت إحدى الراءين ألفًا، كقوله تعالى: {وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا} [الشمس: ١٠]؛ أي: دَسَّسَها، كرهوا اجتماع ثلاثة أحرف من جنس (١).

وقال في "الفتح" بعد ذكر الاختلافين السابقين في ضبط "تُصرّوا" ما حاصله: والأول - يعني ضبطه كزكّى يُزكي - أصح؛ لأنه من صَرَّيتُ اللبن في الضرع: إذا جمعته، وليس من صَرَرتُ الشيءَ: إذا ربطته؛ إذ لو كان منه، لقيل: مصرورة، أو مُصَرَّرَة، ولم يُقَل: مُصَرّاة، على أنه قد سُمع الأمران في كلام العرب، قال الأغلب العجليّ [من الرجز]:

رَأَتْ غُلَامًا قَدْ صَرَى فِي فِقْرَتِهْ … مَاءَ الشَّبَابِ عُنْفُوَانَ شِرَّتِهْ

وقال مالك بن نويرة [من الطويل]:

فَقُلْتُ لِقَوْمِي هَذِهِ صَدَقَاتُكُمْ … مُصَرَّرَةً أَخْلَافُهَا لمْ تُجرَّدِ

وضبطه بعضهم بضم أوله، وفتح ثانيه، لكن بغير واو، على البناء للمجهول، والمشهور الأول. انتهى (٢).

[واعلم]: أن التصرية حرامٌ، سواءٌ تصرية الناقة، والبقرة، والشاة، والجارية، والفرس، والأتان، وغيرها؛ لأنه غَشّ، وخِدَاعٌ، وبيعها صحيحٌ،


(١) "شرح النوويّ" ١٠/ ١٦١ - ١٦٢.
(٢) راجع: "الفتح" ٥/ ٦١٧ - ٦١٨.