للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الحقّ أن المنهيّ عنه المحرّم فاسد؛ لأنَّ النهي يقتضي الفساد، إلَّا ما خصّه الشرع، من مسألة المصرّاة، وتلقي الجلب، ونحو ذلك، فتبصّر بالإنصاف، والله تعالى أعلم.

٤ - (ومنها): ما قاله أيضًا: إن الغرر بالفعل معتبر شرعًا؛ لأنه صار كالتصريح باشتراط نفي العيب، ولا يختلف في الغرر الفعليّ، وإنما اختُلف في الغرر بالقول، هل هو معتبر، أم لا؟ فيه قولان.

[فرع]: لو كان الضرع كثير اللحم، فظنّه المشتري لبنًا، لَمْ يجب له الخيار؛ إذ لا غرور، ولا تدليس، لا بالفعل، ولا بالقول (١).

٥ - (ومنها): أن التصرية عيب يوجب الخيار، وهو حجة على أبي حنيفة، ومحمد بن الحسن، حيث قالا: إن التصرية ليست بعيب، ولا توجب خيارًا، وقد رُوي عن أبي حنيفة أنَّها عيب توجب الأرش، وقال زفر من أصحابه: يردّ صاعًا من تمر، أو نصف صاع من برّ (٢).

٦ - (ومنها): أن بيع الخيار موضوعٌ لتمام البيع، واستقراره، لا للفسخ، وهو أحد القولين عند المالكيّة، وقيل: هو موضوع للفسخ، قال القرطبيّ: والأول أولى؛ لقوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "إن شاء أمسكها"، والإمساك: استدامة التمسّك لِمَا قد ثبتٌ وجوده، كما قال - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لغيلان: "أمسك أربعًا، وفارق سائرهنّ"؛ أي استدم حكم العقود السابقة. انتهى. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الثانية): أشار الإمام البخاريّ - رَحِمَهُ اللهُ - في "صحيحه" إلى أنه اختُلف في قوله: "وصاعًا من تمر"، فرواه بعضهم: "وصاعًا من طعام"، فقال بعد إيراد هذا الحديث من طريق جعفر بن ربيعة، عن الأعرج، ما نصّه: ويُذكَر عن أبي صالح، ومجاهد، والوليد بن رَبَاح، وموسى بن يسار، عن أبي هريرة - رضي الله عنه -، عن النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "صاع تمر"، وقال بعضهم، عن ابن سيرين: "صاعًا من طعام، وهو بالخيار ثلاثًا"، وقال بعضهم عن ابن سيرين: "صاعًا من تمر"، ولم يذكر "ثلاثًا"، والتمر أكثر. انتهى.


(١) "المفهم" ٤/ ٣٧٢.
(٢) "المفهم" ٤/ ٣٧٣.