يحلبها، فإن رضيها أخذها، وإلا رَدّها وردّ معها صاعًا من تمر"، وقد رواه سفيان، عن أيوب، فذكر الثلاث، أخرجه مسلم (١) من طريقه، بلفظ: "من اشترى شاة مصراه، فهو بخير النظرين، ثلاثة أيام، إن شاء أمسكها، وإن شاء ردّها، وصاعًا من تمر، لا سمراء".
قال: ورواه بعضهم عن ابن سيرين بذكر الطعام، ولم يقل: ثلاثًا، أخرجه أحمد، والطحاوي، من طريق عون، عن ابن سيرين، وخِلاس بن عمرو، كلاهما عن أبي هريرة، بلفظ: "من اشترى لِقحة مصراة، أو شاة مصراة، فحلبها، فهو بأحد النظرين، بالخيار إلى أن يحوزها، أو يردها، وإناء من طعام".
قال الحافظ: فحصلنا عن ابن سيرين على أربع روايات، ذكر التمر والثلاث، وذكر التمر، بدون الثلاث، والطعام بدل التمر كذلك.
والذي يظهر في الجمع بينها، أن من زاد الثلاث، معه زيادة علم، وهو حافظ، ويُحْمَل الأمر فيمن لَمْ يذكرها، على أنَّه لَمْ يحفظها، أو اختصرها، وتُحْمَل الرواية التي فيها الطعام على التمر.
وقد روى الطحاوي، من طريق أيوب، عن ابن سيرين أن المراد بالسمراء الحنطة الشامية. وروى ابن أبي شيبة، وأبو عوانة من طريق هشام بن حسان، عن ابن سيرين: "لا سمراء"؛ يعني الحنطة.
وروى ابن المنذر من طريق ابن عون، عن ابن سيرين؛ أنه سمع أبا هريرة، يقول: "لا سمراء": تمر ليس ببر.
فهذه الروايات تبيّن أن المراد بالطعام التمر، ولمّا كان المتبادر إلى الذهن، أن المراد بالطعام القَمْح، نفاه بقوله: "لا سمراء"، لكن يعكُر على هذا الجمع، ما رواه البزار، من طريق أشعث بن عبد الملك، عن ابن سيرين، بلفظ: "إن ردّها ردّها، ومعها صاع من برّ، لا سمراء"، وهذا يقتضي أن المنفي في قوله: "لا سمراء"، حنطة مخصوصة، وهي الحنطة الشامية، فيكون المثبت قوله: "من طعام"؛ أي: من قمح.