للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بضمّ أوله، وكسر الطاء، والأول أرجح، قاله في "الفتح" (١).

(فَصَدَّقَهُ) أي صدّق المحلوف له الحالف، وقوله: (وَهُوَ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ) جملة في محلّ نصبٍ على الحال: أي والحال أن الواقع خلاف ما ذكره، بل كان شراؤه بثمن أقلّ مما حلف عليه، وإنما حلف على ذلك ليوقع صاحبه على شرائه بثمن أكثر.

وفي رواية البخاريّ: "فصدّقه، فأخذَهَا، ولم يُعطِ بها": أي لم يُعْطِ القدر الذي حَلَفَ أنه أَعْطَى عِوَضَها.

(وَرَجُلٌ بَايَعَ إِمَامًا، لَا يُبَايِعُهُ إِلَّا لِدُنْيَا) وفي رواية البخاريّ: "وَرَجُلٌ بَايَعَ إِمَامًا لِدُنْيَا"، وفي رواية: "إمامه" (فَإِنْ أَعْطَاهُ مِنْهَا) أي من أغراضه من تلك الدنيا التي بايع من أجلها (وَفَى) أي ما عليه من الطاعة، مع أن الوفاء واجب عليه مطلقًا، وفي رواية البخاريّ: "إِنْ أَعْطَاهُ مَا يُرِيدُ وَفَى لَهُ" (وَإِنْ لَمْ يُعْطِهِ مِنْهَا) وفي رواية البخاريّ: "وَإِنْ لَمْ يُعْطِهِ": أي ما يريده، فالمفعول الثاني محذوف للعلم به (لَمْ يَفِ)، وللبخاريّ: "لَمْ يَفِ لَهُ".

قال القرطبيّ رحمه الله تعالى: هكذا الرواية "وفَى" بتخفيف الفاء، و"يَفِ" محذوف الواو، والياء، مخفّفًا، وهو الصحيح هنا، رواية، ومعنًى؛ لأنه يقال: وَفَى بعهده يَفِي وَفَاءً، والوفاءُ بالعهد ممدودًا: ضِدُّ الغدر، ويقال: "أوفى" بمعنى وَفَى، وأما "وفّى" المشدّد الفاء، فهي بمعنى توفية الحقّ، وإعطائه، يقال: وَفّاه حقّه يوفّيه توفيّةً، ومنه قوله تعالى: {وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى (٣٧)} [النجم: ٣٧]: أي قام بما كلّفه من الأعمال، كخصال الفطرة، وغيرها، كما قال الله تعالى: {فَأَتَمَّهُنَّ} [البقرة: ١٢٤]، وحكى الجوهريّ: أوفاه. حقّه، قال: وعلى هذا، وعلى ما تقدّم فيكون "أوفى" بمعنى الوفاء بالعهد، وتوفية الحقّ، والأصل في "أوفى": أطلّ على الشيء، وأشرف عليه، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.


(١) "الفتح" ١٣/ ٢١٤ - ٢١٥.