للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فهو مُثْمِرٌ، ومن هنا قيل لِمَا لا نفع فيه: ليس له ثَمَرَة، قاله الفيّوميّ - رحمه الله - (١).

(حَتَّى يَبْدُوَ)؛ أي: يَظهَر، وهو بلا همز، قال النوويّ - رحمه الله -: ومما ينبغي أن يُنبّه عليه ما يقع في كثير من كتب المحدّثين، وغيرهم "حتى يبدوا" بالألف في الخطّ، وهو خطأ، والصواب حذفها من مثل هذا للناصب، وإنما اختلفوا في إثباتها إذا لم يكن ناصبٌ، مثل زيدٌ يبدو، والاختيار حذفها أيضًا، ويقع مثله في "حتّى يزهو"، وصوابه حذف الألف كما ذُكر. انتهى (٢).

(صَلَاحُهَا) سيأتي أن ابن عمر - رضي الله عنهما - قيل له: ما صلاحه؟ قال: تذهب عاهته، و"العاهة": الآفة، وقال أيضًا: "يبدو صلاحه: حمرته، وصفرته"، والمراد به أن تُؤمن فيها العاهة، وتغلب السلامة، فَيَثِقَ المشتري بحصولها، بخلاف ما قبل بدوّ الصلاح، فإنه بصدد الغرر.

وقال الحافظ وليّ الدين - رحمه الله -: قال أصحابنا: بدوّ الصلاح بظهور النّضج، ومبادئ الحلاوة، وزوال العُفُوصة، أو الحموضة المفرطتين، وذلك فيما لا يتلوّن بأن يتموّه، ويَلين، وفيما يتلوّن بأن يَحمرّ، أو يصفرّ، أو يسودّ، قالوا: وهذه الأوصاف، وإن عُرف بها بدوّ الصلاح، فليس واحد منها شرطًا فيه؛ لأن القثّاء لا يُتصوّر فيه شيء منها، بل يُستطاب أكله صغيرًا وكبيرًا، وإنما بدوّ صلاحه أن يكبر، بحيث يُجنى في الغالب، ويؤكل، وإنما يؤكل الصغير على الندور، وكذا الزرع لا يُتصوّر فيه شيء منها باشتداد الحبّ.

وقال البغويّ: بيع أوراق التوت قبل تناهيها لا يجوز إلا بشرط القطع، وبعده يجوز مطلقًا، وبشرط القطع.

والعبارة الشاملة أن يُقال: بدوّ الصلاح في هذه الأشياء صيرورتها إلى الصفة التي تُطلب غالبًا لكونها على تلك الصفة. انتهى (٣).

وقوله: (نَهَى الْبَائِعَ وَالْمُبْتَاعَ)؛ أي: المشتري، قال ولي الدين - رحمه الله -: تأكيد لما فيه من بيان أن البيع، وإن كان فيه مصلحة الإنسان، فليس له أن يرتكب المنهيّ عنه فيه، ويقول: أسقطتُ حقّي من اعتبار المصلحة، فإن المنع


(١) "المصباح المنير" ١/ ٨٤.
(٢) "شرح النوويّ" ١٠/ ١٧٨.
(٣) "طرح التثريب في شرح التقريب" ٦/ ١٢٩.