للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بذلك، فتركوه، فأُخبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بذلك، فقال: إن كان ينفعهم ذلك فليصنعوه، فإني إنما ظننت ظنًّا، فلا تؤاخذوني بالظن، ولكن إذا حدثتكم عن الله شيئًا، فخذوا به، فإني لن أكذب على الله عزَّ وجلَّ".

وأخرج من طريق حماد بن سلمة، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، وعن ثابت، عن أنس؛ أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، مَرَّ بقوم، يُلَقِّحُون، فقال: "لو لم تفعلوا لصلح قال: فخرج شِيصًا، فمر بهم، فقال: "ما لنخلكم؟ قالوا: قلت: كذا وكذا، قال: "أنتم أعلم بأمر دنياكم".

٤ - (ومنها): أن الحكم المذكور مختص بإناث النخل، دون ذكره، وأما ذكوره فللبائع نظرًا إلى المعنى، ومن الشافعية من أخذ بظاهر التأبير، فلم يفرّق بين أنثى وذكر.

واختلفوا فيما لو باع نخلة، وبقيت ثمرتها له، ثم خرج طلع آخر من تلك النخلة، فقال ابن أبي هريرة: هو للمشتري؛ لأنه ليس للبائع، إلا ما وُجد دون ما لم يوجد، وقال الجمهور: هو للبائع؛ لكونه من ثمره المؤبرة دون غيرها.

٥ - (ومنها): أنه يستفاد منه أن الشرط الذي لا ينافي مقتضى العقد، لا يفسد البيع، فلا يدخل في النهي عن بيع وشرط.

٦ - (ومنها): أن الطحاويّ استَدَلَّ بهذا الحديث على جواز بيع الثمرة قبل بُدُوِّ صلاحها، واحتجّ به لمذهبه الذي حكيناه في ذلك، وقد تعقبه البيهقيّ وغيره، بأنه يَستَدِلُّ بالشيء في غير ما ورد فيه، حتى إذا جاء ما ورد فيه، استَدَلّ بغيره عليه كذلك، فيُستدلّ لجواز بيع الثمرة قبل بدو صلاحها بحديث التأبير، ولا يَعمَل بحديث التأبير، بل لا فرق عنده كما تقدم في البيع قبل التأبير وبعده، فإن الثمرة في ذلك للمشتري، سواء شَرَطها البائع لنفسه، أو لم يشترطها، والجمع بين حديث التأبير، وحديث النهي عن بيع الثمرة قبل بُدُوّ الصلاح سهل، بأن الثمرة في بيع النخل تابعة للنخل، وفي حديث النهي مستقلة، وهذا واضح جدًّا، ذكره في "الفتح" (١)، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.


(١) "الفتح" ٥/ ٦٨٢ - ٦٨٣.