للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

يد العبد شيء من مال السيد، فأضيف ذلك المال إلى العبد؛ للاختصاص، والانتفاع، لا للملك، كما يقال: جُلّ الدابة، وسَرْج الفرس، وإلا فإذا باع السيد العبد فذلك المال للبائع؛ لأنه مُلكه، إلا أن يشترطه المبتاع، فيصحّ؛ لأنه يكون قد باع شيئين: العبد، والمال الذي في يده، بثمن واحد، وذلك جائز، قالا: ويشترط الاحتراز من الربا، قال الشافعيّ: فإن كان المال دراهم، لم يجز بيع العبد وتلك الدراهم بدراهم، فكذا إن كان دنانير لم يجز بيعها بذهب، وإن كان حنطة لم يجز بيعها بحنطة.

وقال مالك: يجوز أن يشترط المشتري، وإن كان دراهم، والثمن دراهم، وكذلك في جميع الصور؛ لإطلاق الحديث، قال: وكأنه لا حصة للمال من الثمن. انتهى.

وقال القرطبيّ رحمهُ اللهُ: في الحديث دليل على صحة قولنا: إن العبد يملك، خلافًا للشافعيّ، وأبي حنيفة، حيث قالا: إنه لا يملك، وقد تقدَّم ذلك. ويلتحق بالبيع في هذا الحكم كل عقد معاوضةٍ؛ كالنكاح، والإجارة، فأما العتق فيتبع العبدَ فيه مالُهُ؛ لِمَا رواه أبو داود عن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من أعتق عبدًا، وله مال، فمال العبد له، إلا أن يشترط السَّيد" (١)، وقد رواه مالك في "الموطأ" (٢) موقوفًا على ابن عمر - رضي الله عنهما -، ولا يضره الوقف، فإن المرفوع صحيح السند، وهذا الحديث حجة على أبي حنيفة، والشافعيّ، حيث قالا: إن المال في العتق للسيد، فأمَّا في الصدقة والهبة، فهل يتبعه ماله فيهما، أو لا؟ قولان، سببهما تردُّدهما بين البيع والعتق؛ إذ فيهما شَبَه من كل واحد منهما، وذلك: أن الهبة، والصدقة خروج من ملك إلى ملك، فأشبهت البيع، وخروج عن ملك بغير عوض، فأشبهت العتق، والأرجح: إلحاقها بالبيع، وقطعها عن العتق؛ لاختصاص العتق بمعنى لا يوجد في غيره، على ما قد أوضحه أصحابنا في كتبهم.

وأما الجناية: فالمال فيها تبع للرَّقبة، فينتقل بانتقالها؛ لأن العبد الجاني


(١) رواه أحمد في "مسنده" (٣٩٦٢)، وابن ماجه (٢٥٢٩).
(٢) راجع: "الموطأ" (٢/ ٧٧٥).