للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وهذا خلاف نصّ أحمد، وقولِ الخرقيّ؛ لأنهما جعلا الشرط الذي يختلف الحكم به، قصد المشتري دون غيره، وهو أصح إن شاء الله تعالى، واحتمال الجهالة فيه؛ لكونه غير مقصود كما ذكرنا؛ كاللبن في ضرع الشاة المبيعة، والحمل في بطنها، والصوف على ظهرها، وأشباه ذلك، فإنه مبيع، ويُحتَمَل فيه الجهالة وغيرها؛ لِمَا ذكرنا، وقد قيل: إن المال ليس بمبيع ههنا، وإنما استبقاء المشتري على ملك العبد، لا يزول عنه إلى البائع، وهو قريب من الأول. انتهى كلام ابن قُدامة رحمهُ اللهُ (١)، وهو بحث نفيسٌ جدًّا، والله تعالى أعلم.

[تنبيه]: قال النوويّ رحمهُ اللهُ: وفي هذا الحديث دليل للأصحّ عند الشافعيّة أنه إذا باع العبد، أو الجارية، وعليه ثيابه، لم تدخل في البيع، بل تكون للبائع، إلا أن يشترطها المبتاع؛ لأنه مال في الجملة، وقال بعضهم: تدخل، وقال بعضهم: يدخل ساتر العورة فقط، والأصح أنه لا يدخل ساتر العورة ولا غيره؛ لظاهر هذا الحديث، ولأن اسم العبد لا يتناول الثياب. انتهى كلام النوويّ رحمهُ اللهُ (٢)، وهو بحث نفيسٌ، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الثاية): في اختلاف أهل العلم، هل يملك العبد المال، أم لا؟

ذهب عامّة أهل العلم، إلى أنه لا يملك شيئًا، إذا لم يُمَلِّكه سيده، وقال أهل الظاهر: يملك؛ لدخوله في عموم قوله تعالى: {خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا} الآية [البقرة: ٢٩]، وقول النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: "من باع عبدًا، وله مال"، فأضاف المال إليه بلام التمليك.

واحتجّ الأولون بقوله تعالى: {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا عَبْدًا مَمْلُوكًا لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ} الآية [النحل: ٧٥]، ولأن سيده يَملِك عينه ومنافعه، فما حصل بذلك يجب أن يكون لسيده كبهيمته، قال الموفّق: فأما إن ملّكه سيده شيئًا، ففيه روايتان:


(١) "المغني" ٦/ ٢٥٧ - ٢٥٨.
(٢) "شرح النوويّ" ١٠/ ١٩١ - ١٩٢.