للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال القرطبيّ: وعلى هذا فلا تكون المخابرة منهيًّا عنها، وقد ثبت النهي عنها فهي غيرها، والصحيح ما حكاه الجوهريّ وغيره: أن المخابرة هي المزارعة بجزء مما يخرج من الأرض، وهو: الخِبْر أيضًا - بالكسر - ويشهد له ما ذكرناه آنفًا عن اللغويين، وعلى هذا فيكون الفرق بين المحاقلة والمخابرة: أن المحاقلة كراء الأرض بما يخرج منها مطلقًا، والمخابرة: كراؤها بجزء مما يخرج منها؛ كثلث وربع، وقد قال بعض الناس: إنهما بمعنى واحد، والمشهور ما ذكرناه، وهو الأولى، والله تعالى أعلم. انتهى كلام القرطبيّ رحمهُ اللهُ (١).

وقال النوويّ رحمهُ اللهُ: وأما المخابرة، فهي والمزارعة متقاربتان، وهما المعاملة على الأرض ببعض ما يخرج منها من الزرع؛ كالثلث، والربع، وغير ذلك من الأجزاء المعلومة، لكن في المزارعة يكون البذر من مالك الأرض، وفي المخابرة يكون البذر من العامل، هكذا قاله جمهور أصحابنا، وهو ظاهر نصّ الشافعيّ، وقال بعض أصحابنا، وجماعة من أهل اللغة، وغيرهم: هما بمعنىً، قالوا: والمخابرة مشتقة من الْخَبِير، وهو الأَكَّار أي: الفَلّاح، هذا قول الجمهور، وقيل: مشتقة من الْخَبَار، وهي الأرض اللَّيِّنة، وقيل: من الْخُبْرة، وهي النصيب، وهي. بضم الخاء، وقال الجوهريّ: قال أبو عبيد: هي النصيب من سَمَك، أو لحم، يقال: تَخَبَّروا خُبْرَةً: إذا اشتَرَوَا شاةً، فذبحوها، واقتسموا لحمها، وقال ابن الأعرابيّ: مأخوذة من خيبر؛ لأن أول هذه المعاملة كان فيها، وفي صحة المزارعة والمخابرة خلاف مشهور للسلف، وسنوضحه في باب بعده - إن شاء الله تعالى. انتهى (٢).

(وَعَنْ بَيْعِ الثَّمَرِ حَتى يَبْدُوَ صَلَاحُهُ) تقدّم شرح هذه الجملة في بابها، وفي الرواية الآتية: "وَعن بَيْعِ الثَّمَرَة، حَتَّى تُطْعِمَ" بضمّ أوله مبنيًّا للفاعل، من الإطعام: يقال: أطعمت الشجرة بالألف: أدرك ثمرها (٣)، والمعنى: حتى تصير صالحةً للأكل.


(١) "المفهم" ٤/ ٤٠١.
(٢) "شرح النوويّ" ١٠/ ١٩٢ - ١٩٣.
(٣) "المصباح المنير" ٢/ ٣٧٣، و"القاموس المحيط" ٤/ ١٤٤.