للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(وَلَا يُبَاعُ اِلا بِالدِّينَارِ وَالدِّرْهَمِ) المراد أنها تباع بالعروض، وإنما خصّ الدينار والدرهم؛ لأنهما أكثر ما يتعامل به الناس، فتنبّه.

(إِلَّا الْعَرَايَا) قال النوويّ رحمهُ اللهُ: معناه: لا يباع الرُّطَب بعد بُدُوّ صلاحه بتمر، بل يُباع بالدينار والدرهم وغيرهما، والممتنع إنما هو بيعه بالتمر إلا العرايا، فيجوز بيع الرُّطب فيها بالتمر بشرطه السابق في بابه. انتهى (١).

وقال القرطبيّ رحمهُ اللهُ: قوله: "نهى عن بيع الثمرة حتى تطعم، ولا تباع إلا بالدراهم أو الدنانير إلا العرايا"؛ هذا المساق فيه تثبيجٌ (٢) بالتقديم والتأخير، وذلك لا يجوز بالاتفاق، لا بهما، ولا بالعُروض إلا على شرط القطع، فيجوز بالعين، والعَرَض، فلا يصح أن يكون ذلك استثناء من بيع الثمرة بوجه، وإنما يصح رجوع الاستثناء للمحاقلة، والمخابرة، فإنها هي التي نهي عن بيعها إلا بالعين، كما يأتي بعد هذا في حديث رافع بن خديج - رضي الله عنه - حيث قال: "أما بالذهب والورِق فلا بأس به".

وقال: وقوله: "إلا العرايا" مستثنى من المزابنة، كما جاء في الحديث المتقدِّم، وترتيب هذا الحديث أن يقال: نَهَى عن المحاقلة، والمخابرة إلا بالدنانير أو الدراهم، وعن المزابنة إلا العرايا، وهذا واضح، والله أعلم. انتهى كلام القرطبيّ رحمهُ اللهُ (٣).

قال الجامع عفا الله عنه: لا حاجة إلى دعوى التقديم والتأخير، بل المعنى صحيح بدون ذلك، والاستثناء من بيع الثمر، وليس من المزابنة، نَهَى أولًا عن بيع الثمر حتى يبدو صلاحه، ومفهومه أنه يجوز بيعه بعد بدوّ صلاحه، ثم استثنى من هذا، فبيّن: لا يجوز بيعه بعد بدوّ الصلاح بجنسه، وإنما يباع بالدينار والدرهم، ثم استثنى من هذا الاستثناء العرايا، فإنه يجوز بيعها بجنسها؛ للحاجة، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.


(١) "شرح النوويّ" ١٠/ ١٩٣ - ١٩٤.
(٢) أي تخليط.
(٣) "المفهم" ٤/ ٤٠٢.