وقوله:(قَالَ أَحَدُهُمَا: بَيْعُ السِّنِينَ هِيَ الْمُعَاوَمَةُ) هذا إشارة إلى أن أبا الزبير، وسعيد بن مِيناء اختلفا، فقال أحدهما:"والمعاومة"، وقال الآخر:"وبيع السنين".
[تنبيه]: ظاهر سياق المصنّف أن الغرض من قوله: "قال أحدهما … إلخ" بيان أن بيع السنين هي المعاومة، فيكون قوله:"بيعُ السنين" مبتدأ خبره جملة "هي المعاومة"، فكأنه يريد تفسير أحدهما بالآخر، وهو الذي يدلّ عليه ضبط "بيعُ" بالرفع بضبط القلم، وهذا يخالف ما يدلّ عليه سياق غيره، فقد أخرج الحديث أبو داود في "سننه"(٣/ ٢٦٢) فقال:
(٣٤٠٤) - حدّثنا أحمد بن حنبل، ثنا إسماعيل (ح) وثنا مسدّد أن حمادًا وعبد الوارث حدّثاهم كلهم عن أيوب، عن أبي الزبير، قال عن حماد: وسعيد بن ميناء، ثم اتفقوا عن جابر بن عبد الله، قال: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن المحاقلة، والمزابنة، والمخابرة، والمعاومة، قال عن حماد: وقال أحدهما: والمعاومة، وقال الآخر: بيع السنين، ثم اتفقوا: وعن الثنيا، ورَخّص في العرايا. انتهى.
وأخرجه ابن الجارود في "المنتقى"(١/ ١٥٣) من طريق حماد بن زيد، عن أيوب، عن أبي الزبير، وسعيد بن ميناء، عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما -؛ أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عن المحاقلة، والمزابنة، والمخابرة، والمعاومة، وقال الآخر: بيع السنين، وعن الثنيا، ورَخص في العرايا. انتهى.
وأخرجه أيضًا البيهقيّ في "الكبرى"(٥/ ٣٣٦) ولفظه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عن المحاقلة، والمزابنة، والمخابرة، والمعاومة، وقال الآخر: عن بيع السنين، وعن الثنيا، ورَخَّص في العرايا. انتهى.
فسياق هؤلاء صريح في أن الغرض من قوله:"قال أحدهما … إلخ" بيان الاختلاف الواقع بين أبي الزبير، وسعيد بن مِيناء، حيث رواه أحدهما بلفظ:"بيع السنين"، ورواه الآخر بلفظ:"المعاومة"، وليس الغرض تفسير بيع السنين بأنها هي المعاومة، خلاف ما يفيده لفظ المصنّف، فليُتأمل.
ويَحْتَمِل أن قوله:"بيع السنين" مجرورًا على الحكاية؛ أي: قال أحدهما: "بيع السنين" بدل قول الآخر "المعاومة"، وأما قوله:"هي المعاومة"