للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

انتهى كلام الحافظ - رحمه الله - (١).

وقال في "العمدة": واختُلف في أفضل المكاسب، فقال النوويّ: أفضلها الزراعة، وقيل: أفضلها الكسب باليد، وهي الصَّنعة، وقيل: أفضلها التجارة، وأكثر الأحاديث تدلّ على أفضلية الكسب باليد، وروى الحاكم في "المستدرك" من حديث أبي بردة، قال: سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أيُّ الكسب أطيب؟ قال: "عَمَلُ الرجل بيده، وكل بيع مبرور"، وقال: هذا حديث صحيح الإسناد (٢).

وقد يقال: هذا أطيب من حيث الحلّ، وذاك أفضل من حيث الانتفاع العامّ، فهو نفع متعدّ إلى غيره، وإذا كان كذلك فينبغي أن يَختلف الحال في ذلك باختلاف حاجة الناس، فحيث كان الناس محتاجين إلى الأقوات أكثر كانت الزراعة أفضل؛ للتوسعة على الناس، وحيث كانوا محتاجين إلى المتجر؛ لانقطاع الطرق كانت التجارة أفضل، وحيث كانوا محتاجين إلى الصنائع أشدّ كانت الصنعة أفضل، وهذا حسن. انتهى (٣).

قال الجامع عفا الله عنه: إن أفضل المكاسب هو الذي نصّ عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهو عمل اليد، فإن كان زرعًا، فهو أطيب المكاسب وأفضلها؛ لأنه عمل يده، وهذا ما رجحه النوويّ في كلامه السابق، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

وبالسند المتّصل إلى المؤلف - رحمه الله - أوّل الكتاب قال:

[٣٩٦٢] ( … ) - (حَدَّثنَا قتيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثنَا لَيْثٌ (ح) وَحَدَّثنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ، أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْر، عَنْ جَابِرٍ؛ أَنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - دَخَلَ عَلَى أُمِّ مُبَشِّرٍ الأنصَارِيَّة، فِي نَخْلٍ لَهَا، فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ غَرَسَ هَذَا النَّخْلَ، أَمُسْلِمٌ أَمْ كَافِرٌ؟ "، فَقَالَتْ: بَلْ مُسْلِمٌ، فَقَالَ: "لَا يَغرِسُ مُسْلِمٌ غَرْسًا، وَلَا يَزْرَعُ زَرْعًا، فَيَأْكُلَ مِنْهُ إِنْسَان، وَلَا دَابَّةٌ، وَلَا شَيءٌ، إِلَّا كَانَتْ لَهُ صَدَقَةٌ").


(١) "الفتح" ٥/ ٥٢٥ - ٥٢٦ "كتاب البيوع" رقم (٢٠٧٠ - ٢٠٧٥).
(٢) هو صحيح كما قال.
(٣) "عمدة القاري" ١٢/ ١٥٥.