(عِنْدَ رَجُلٍ قَدْ أفلَسَ، أَوْ إِنْسَانٍ قَدْ أفلَسَ) شكّ من الراوي أيضًا، وقوله:"قد أفلس" أي: تبيّن إفلاسه، يقال: أفلس الرجل: إذا صار إلى حال لا فلوس له، أو صار ذا فلس، بعد أن كان ذا دنانير، ودراهم، وحقيقته: الانتقال من اليسر إلى العسر، وقيل: المفلس: من لا عين له، ولا عَرَضَ، وشرعًا: من قصر ما بيده عما عليه من الديون، وقد تقدَّم في شرح الترجمة بأتمّ من هذا، فراجعه تستفد، وبالله تعالى التوفيق.
(فَهُوَ أَحَقُّ به) أي: بذلك الموجود عند الْمُفْلِسِ (مِنْ غيْرِهِ") أي: من سائر الناس، كائنًا من كان، وارثًا، أو غريمًا، وبهذا قال جمهور العلماء، وخالف الحنفية، فتأولوه؛ لكونه خبر واحد خالف الأصول؛ لأن السلعة صارت بالبيع ملكًا للمشتري، ومن ضمانه، واستحقاقُ البائع أخذَها منه نَقْضٌ لملكه، وحملوا الحديث على صورة، وهي ما إذا كان المتاع وديعةً، أو عاريةً، أو لقطةً.
وتُعُقِّب بأنه لو كان كذلك لم يُقَيَّد بالفَلْس، ولا جُعِل أحقّ بها؛ لِمَا يقتضيه صيغة أفعل من الاشتراك، وأيضًا فما ذكروه ينتقض بالشفعة.
وأيضًا فقد ورد التنصيص في حديث الباب على أنه في صورة المبيع، وذلك فيما رواه سفيان الثوريّ في "جامعه"، وأخرجه من طريقه ابن خزيمة، وابن حبان، وغيرهما، عن يحيى بن سعيد بهذا الإسناد، بلفظ: "إذا ابتاع الرجل سلعةً، ثم أَفْلَس، وهي عنده بعينها، فهو أحقّ بها من الغرماء"، ولابن حبان، من طريق هشام بن يحيى المخزوميّ، عن أبي هريرة، بلفظ: "إذا أفلَس الرجل، فوجد البائعُ سلعته"، والباقي مثله.
ولمسلم في رواية ابن أبي حسين الآتية: "إذا وجِد عنده المتاعُ أنه لصاحبه الذي باعه". وفي مرسل ابن أبي مليكة، عند عبد الرزاق: "من باع سلعةً من رجل، لم يَنْقُده، ثم أَفْلَس الرجل، فوجدها بعينها، فليأخذها من بين الغرماء".