الراوي، وجمع الشافعيّ أيضًا بين الحديثين، بحمل حديث ابن خَلْدة على ما إذا مات مفلسًا، وحديث أبي بكر بن عبد الرحمن، على ما إذا مات مليئًا، والله أعلم. انتهى (١).
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: في كلام الحافظ هذا نظر لا يخفى، فإن تحسينه حديث الشافعيّ، وترجيحه على حديث مالك ليس كما ينبغي؛ فإنَّه ضعيف، لأن في إسناده أبا المعتمر، وهو مجهول الحال، كما نصّ هو عليه في "التقريب"، وأما حديث مالك، وإن رواه هو في "الموطإ" مرسلًا، لكنَّه روي متّصلا في غيره، ولقد أجاد ابن القيِّم - رَحِمَهُ الله - في "تهذيب السنن" في هذا البحث، ودونك نصّه:
وقد أعلّه الشافعيّ بأنه كالمدرج في حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - يعني قوله:"فإن كان قضى من ثمنها شيئًا … إلى آخره - قال الشافعيّ في جواب من سأله: لِمَ لَمْ تأخذ بحديث أبي بكر بن عبد الرحمن هذا - يعني المرسل - فقال: الذي أخذتُ به أولى مِنْ قِبَل أن ما أخذتُ به موصولٌ يَجمع فيه النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - بين الموت والإفلاس، وحديث ابن شهاب منقطع؛ ولو لم يخالفه غيره لم يكن مما يُثبته أهل الحديث، ولو لم يكن في تركه حجة إلا هذا انتفى لمن عرف الحديث تَرْكه من الوجهين، مع أن أبا بكر بن عبد الرحمن يروي عن أبي هريرة حديثه، ليس فيما روى ابن شهاب عنه مرسلًا، إن كان رواه كله، ولا أدري عمن رواه، ولعلّه روى أول الحديث، وقال برأيه آخره، وموجود في حديث أبي بكر، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم -: أنه انتهى فيه إلى قوله: فهو أحقّ به، وأشبه أن يكون ما زاد على هذا قولًا من أبي بكر، لا رواية. تمّ كلامه.
وقد روى الليث بن سعد، عن يحيى بن سعيد، عن أبي بكر بن محمد بن حزم، عن عمر بن عبد العزيز، عن أبي بكر بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة - رضي الله عنه -، يرفعه: "أيّما رجل أفلس، ثم وجد رجلٌ سلعته عنده بعينها، فهو أولى بها من غيره"، قال الليث: بلغنا أن ابن شهاب قال: "أما من مات ممن أفلس، ثم وجد رجلٌ سلعته بعينها، فإنه أُسوةُ الغرماء"، يحدّث بذلك عن أبي