للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال الجامع: هذا الاحتمال أبعد من الذي قبله، فتأمّله بالإنصاف، والله تعالى أعلم.

قال: ويَحْتَمِل أن يكون المراد بالخير: المال، فيكون معناه أنه لم يوجد له فعل برّ في المال إلا ما ذُكر من إنظار المعسر. انتهى كلام القرطبيّ.

قال الجامع: هذا الاحتمال أيضًا مثل سابقه؛ لأنه لا دليل على هذا التخصيص، فتبصّر.

والحاصل أن الأظهر إجراؤه على عمومه، والله تعالى أعلم.

(قَالُوا: تَذَكَّرْ) أي: تفكر في أعمالك لعلك تجد فيها خيرًا (قَالَ) بعد تذكّره (كُنْتُ أُدَايِنُ الناسَ) أي: أعاملهم بالدين، فأبيع لهم بالنسيئة (فَآمرُ فِتْيَانِي) بكسر الفاء: جمع فَتًى، وهو الخادم، حرًّا كان، أو مملوكًا، قال الفيّوميّ - رحمه الله -: الفتى: العبد، وجمعه في القلة: فِتْية، وفي الكثرة: فِتْيان، والأمة: فَتاةٌ، وجمعها فتياتٌ، والأصل فيه أن يقال للشابّ الْحَدَث: فَتًى، ثم استُعير للعبد، وإن كان شيخًا مجازًا؛ تسميةً باسم ما كان عليه. انتهى (١).

(أَنْ يُنْظِرُوا) بضمّ حرف المضارعة، من الإنظار رباعيًّا، وهو الإمهال، والتأخير، ويَحْتَمِل أن يكون بفتح أوله ثلاثيًّا، من باب نصر، وهو بمعناه، قال الفيّوميّ - رحمه الله -: أنظرت الدَّينَ بالألف: أخّرته، والنَّظِرةُ، مثلُ كَلِمَةٍ بالكسر: اسم منه، وفي التنزيل: {فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} [البقرة: ٢٨٠]؛ أي: فتأخير، ونَظَرته الدينَ ثلاثيًّا لغة. انتهى (٢).

(الْمُعْسِرَ) أي: الفقير، وقال القرطبي - رحمه الله -: "المعسر" هنا هو الذي يتعذّر عليه الأداء في وقت دون وقت، فندب الشرع إلى تأخيره إلى الوقت الذي يُمكّن له ما يؤدي، وأما المعسر بالإفلاس، فتحرم مطالبته إلى أن يتبيّن يساره، قال: والمال كلُّ ما يُتموّل، أو يتملّك، من عين، وعَرَض، وحيوان، وغير ذلك، ثم قد يخُصّه أهل مال بما يكون غالب أموالهم، فيقول أصحاب الإبل: المال الإبلُ، وأصحاب النخل: المال النخل، وهكذا. انتهى (٣).


(١) "المصباح المنير" ٢/ ٤٦٢.
(٢) "المصباح المنير" ٢/ ٦١٢.
(٣) "المفهم" ٤/ ٤٣٦.