للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(إِلَّا نَفْسٌ مُسْلِمَةٌ") وفي رواية للبخاريّ: "لا يدخل الجَنَّة إلَّا مؤمن".

قال القرطبيّ: قوله: "نفسٌ مسلمة": أي مؤمنة؛ لأن الإسلام الْعَرِيَّ عن الإيمان لا ينفع صاحبه في الآخرة، ولا يُدخله الجنّة، وذلك بخلاف الإيمان، فإن مجرّده يُدخل صاحبه الجنّة، وإن عُوقب بترك الأعمال، على ما سنذكره - إن شاء الله تعالى - فدلّ هذا على أن هذا الرجل كان مرائيًا منافقًا، ومما يدلّ على ذلك أيضًا قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إن الله ليؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر"، متّفق عليه، وهو الكادر، كما قال تعالى: {وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا} [نوح: ٢٧]، وإنما أمر النبيّ - صلى الله عليه وسلم - بلالًا أن ينادي بذلك القول تنبيهًا على وجوب الإخلاص في الجهاد، وأعمال البرّ، وتحذيرًا من الرياء والنفاق. انتهى كلام القرطبيّ، وهو تحقيق نفيسٌ، والله تعالى أعلم (١).

(وَإِنَّ اللهَ يُؤَيِّدُ هَذَا الدِّينَ بِالرَّجُلِ الْفَاجِرِ") يحتمل أن تكون "أل" في "الرجل" للعهد، والمراد به قُزمان المذكور، ويحتمل أن تكون للجنس.

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: هكذا قال في "الفتح" (٢)، وعندي أن كونها للجنس أقرب، فتأمّله، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسائل تتعلّق بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - هذا متّفق عليه.

(المسألة الثانية): في تخريجه:

أخرجه المصنّف هنا في "الإيمان" [٥٠/ ٣١٢] (١١١)، و (البخاريّ) في "الجهاد" (٣٠٦٢)، و"المغازي" (٤٢٠٣)، و"القدر" (٦٦٠٦)، و (عبد الرزّاق) في "مصنّفه" (٩٥٧٣)، و (أحمد) في "مسنده" (٢/ ٣٠٩ - ٣١٠)، و (أبو عوانة) في "مسنده" (١٣٣)، و (أبو نُعيم) في "مستخرجه" (٢٩٩)، و (ابن حبّان) في "صحيحه" (٤٥١٩)، و (البغويّ) في "شرح السنّة" (٢٥٢٦)، و (البيهقيّ) في "الكبرى" (٨/ ١٩٨)، و (القضاعيّ) (١٠٩٧)، والله تعالى أعلم.


(١) "المفهم" ١/ ٣٢٠ - ٣٢١.
(٢) "فتح" ٧/ ٥٤١.