الوزن من جنس واحد، ففيه روايتان، واختلف أهل العلم فيه، والأولى -إن شاء الله تعالى - حِلّه؛ إذ ليس في تحريمه دليل موثوق به، ولا معنى يُقَوِّي التمسك به، وهي مع ضعفها يعارض بعضها بعضًا، فوجب اطّراحها، أو الجمع بينها، والرجوع إلى أصل الحِل، الذي يقتضيه الكتاب والسنة والاعتبار.
ولا فرق في المطعومات، بين ما يؤكل قوتًا؛ كالأرز، والذرة، والدخن، أو أُدْمًا؛ كالقطنيات، واللبن، واللحم، أو تفكهًا؛ كالثمار، أو تداويًا؛ كالأهليلج، والسقمونيا، فإن الكل في باب الربا واحد. انتهى، كلام ابن قدامة رحمه الله (١)، وهو تحقيق نفيس، والله تعالى أعلم.
وقال شيخ الإسلام ابن تيميّة رحمه الله: في تحريم التفاضل في الأصناف الستّة: الذهب، والفضّة، والحنطة، والشعير، والتمر، والملح، هل هو التماثل؟ وهو الكيل والوزن، أو هو الثمنيّة والطعم، أو هو الثمنيّة، والتماثل مع الطعم، والقوت، وما يصلحه؟ أو النهي غير معلّل، والحكم مقصور على مورد النصّ؟ على أقوال مشهورة:
[الأول]: مذهب أبي حنيفة، وأحمد في أشهر الروايات عنه.
[والثاني]: قول الشافعيّ، وأحمد في رواية.
[والثالث]: قول أحمد في رواية ثالثة، اختارها أبو محمد، وقول مالك قريب من هذا، وهذا القول أرجح من غيره.
[والرابع]: قول داود، وأصحابه، ويُروَى عن قتادة، ورجّح ابن عقيل هذا القول في "مفرداته"، وضعّف الأقوال المتقدّمة، وفيها قولٌ شاذّ: أن العلّة الماليّة، وهو مخالف للنصوص، ولإجماع السلف، والاتّحاد في الجنس شرط على كلّ قول من ربا الفضل.
قال: والأظهر أن علّة تحريم الربا في الدنانير والدراهم هو الثمنيّة، لا الوزن، كما قاله جمهور العلماء، ولا يحرم التفاضل في سائر الموزونات؛ كالرصاص، والحديد، والحرير، والقطن، والكتّان، ومما يدلّ على ذلك اتّفاق