العلماء على جواز إسلام النقدين في الموزونات، وهذا بيع موزون بموزون إلى أجل، فلو كانت العلة الوزن لم يجُز هذا.
قال: والتعليل بالثمنيّة تعليل بوصف مناسب، فإن المقصود من الأثمان أن تكون معيارًا للأموال، يُتوسل بها إلى معرفة مقادير الأموال، ولا يقصد الانتفاع بعينها. انتهى كلام شيخ الإسلام رحمه الله باختصار (١).
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: هذا الذي أشار إليه شيخ الإسلام رحمه الله في كلامه السابق من أن الربا يجري بين كلّ ما يصلح ثمنًا للأشياء، وكل ما يكال، أو يوزن من الطعم، أو القوت، إذا بيع بجنسه متفاضلًا، أو مثلًا بمثل من غير قبض في المجلس، هو الأرجح عندي؛ لقوّة مُدْرَكه، كما بيّنه رحمه الله، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
(المسألة السادسة): قال ابن قُدامة رحمه الله: الجيّد والرديء، والتبر والمضروب، والصحيح والمكسور، سواء في جواز البيع مع التماثل وتحريمه مع التفاضل، وهذا قول أكثر أهل العلم، منهم أبو حنيفة، والشافعيّ، وحُكي عن مالك جواز بيع المضروب بقيمته من جنسه، وأنكر أصحابه ذلك ونفوه عنه، وحَكَى بعض أصحابنا عن أحمد رواية لا يجوز بيع الصحاح بالمكسرة، ولأن للصناعة قيمة، بدليل حالة الإتلاف، فيصير كأنه ضم قيمة الصناعة إلى الذهب.
قال: ولنا قول النبيّ -صلى الله عليه وسلم-: "الذهب بالذهب مثلًا بمثل، والفضة بالفضة مثلًا بمثل"، وعن عبادة، عن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- أنه قال:"الذهب بالذهب تبرها وعينها، والفضة بالفضة تبرها وعينها"، رواه أبو داود.
وروى مسلم عن أبي الأشعث؛ أن معاوية أمر ببيع آنية من فضة، في أعطيات الناس، فبلغ عبادة، فقال:"سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ينهى عن بيع الذهب بالذهب، والفضة بالفضة، والبر بالبر، والشعير بالشعير، والملح بالملح، إلا سواء بسواء، عينًا بعين، فمن زاد أو ازداد، فقد أربى".
وروى الأثرم عن عطاء بن يسار؛ أن معاوية، باع سقاية من ذهب، أو