للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ورق بأكثر من وزنها، فقال أبو الدرداء: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ينهى عن مثل هذا إلا مثلًا بمثل، ثم قَدِم أبو الدرداء على عمر بن الخطاب -رضي الله عنهما-، فذكر له ذلك، فكتب عمر إلى معاوية: لا تبع ذلك إلا مثلًا بمثل، وزنًا بوزن، ولأنهما تساويا في الوزن، فلا يؤثر اختلافهما في القيمة؛ كالجيد والرديء، فأما إن قال لصائغ: صغ لي خاتمًا وزنه درهم، وأعطيك مثل وزنه، وأجرتك درهمًا، فليس ذلك ببيع درهم بدرهمين، وقال أصحابنا: للصائغ أخذ الدرهمين: أحدهما في مقابلة الخاتم، والثاني أجرة له. انتهى، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة السابعة): قال ابن قُدامة رحمه الله أيضًا: لا خلاف في جواز التفاضل في الجنسين، نعلمه إلا عن سعيد بن جبير؛ أنه قال: ما يتقارب الانتفاع بهما لا يجوز التفاضل فيهما، وهذا يردّه قول النبيّ -صلى الله عليه وسلم-: "بيعوا الذهب بالفضة، كيف شئتم يدًا بيد، وبيعوا البر بالتمر كيف شئتم يدًا بيد، وبيعوا الشعير بالشعير كيف شئتم يدًا بيد"، وفي لفظ: "إذا اختلفت هذه الأشياء فبيعوا كيف شئتم، إذا كان يدًا بيد". رواه مسلم، وأبو داود، ولأنهما جنسان، فجاز التفاضل فيهما، كما لو تباعدت منافعهما، ولا خلاف في إباحة التفاضل في الذهب بالفضة، مع تقارب منافعهما.

فأما النَّسَاء، فكل جنسين يجري فيهما الربا بعلّة واحدة؛ كالمكيل بالمكيل، والموزون بالموزون، والمطعوم بالمطعوم عند من يُعلل به، فإنه يحرم بيع أحدهما بالآخر نَساء بغير خلاف نعلمه، وذلك قوله -صلى الله عليه وسلم-: "فإذا اختلفت هذه الأصناف، فبيعوا كيف شئتم، يدًا بيد"، وفي لفظ: "لا بأس ببيع الذهب بالفضة، والفضةُ أكثرهما يدًا بيد، وأما نسيئة فلا، ولا بأس ببيع البر بالشعير، والشعيرُ أكثرهما يدًا بيد، وأما النسيئة فلا"، رواه داود، إلا أن يكون أحد العوضين ثمنًا، والآخر مثمَّنًا، فإنه يجوز النَّساء بينهما بغير خلاف؛ لأن الشرع أرخص في السلم، والأصل في رأس المال الدراهم والدنانير، فلو حُرِّم النَّساء ههنا لانْسَدَّ باب السَّلم في الموزونات في الغالب.

فأما إن اختلفت علتهما كالمكيل بالموزون، مثل بيع اللحم بالبر ففيهما روايتان: