للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ولو انتقلا من ذلك الموضع إلى آخر لم يصحّ تقابضهما، ومذهبه أنه لا يجوز عنده تراخي القبض في الصرف، سواء كانا في المجلس، أو تفرقا، وحَمَل قول عمر: "لا يفارقه" على الفور، حتى لو أخَّر الصيرفيّ القبض حتى يقوم إلى قَعْرِ دُكّانه، ثم يفتح صندوقه لَمَا جاز. انتهى (١).

وقال القرطبيّ -رَحِمَهُ اللهُ-: وقد بالغ مالك -رَحِمَهُ اللهُ- في هذا، حتى منع المواعَدة على الصرف، والحوالة، والوكالة على عقد الصرف دون القبض، ومنع أن يعقد الصرف، ويقوم إلى قَعْرِ دكانه، ثم يفتح صندوقه، ويخرج ذهبه؛ بناءً على ما تقدَّم من أصله، وهذا هو الذي فهمه عمر -رضي الله عنه- عن الشرع حين قال: "وإن أنظرك إلى أن يَلِج بيته فلا تنظره، إني أخاف عليكم الربا"، وقال: "دَعُوا الربا والريبة". انتهى (٢).

(وَالْبُرُّ بِالْبُرِّ رِبًا إِلَّا هَاءَ وَهَاءَ) "الْبُرُّ" - بضم الموحّدة، ثم راء: من أسماء الحنطة، واحده: بُرّةٌ، والجمع: أبرار (٣)، وقال الجوهريّ: البُرّ: جمع بُرّة، من الْقَمْح، ومَنَع سيبويه أن يُجمع الْبُرّ على أَبْرار، وجوّزه المبرّد قياسًا. انتهى (٤). (وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ) - بفتح أوله: معروف، وحُكِي جواز كسره، وقال الفيّوميّ: الشعير: حَبّ معروف، قال الزجّاج: وأهل نجد تؤنّثه، وغيرهم يذكّره، فيقال: هي الشعير، وهو الشعير. انتهى (٥).

وقال ابن منظور -رَحِمَهُ اللهُ-: الشعير: جنس من الحبوب معروفٌ، واحدته شعيرة، وبائعه شَعِيريّ، قال سيبويه: وليس مما بُني على فاعل، ولا فَعّال، كما يغلب في هذا النحو، وأما قول بعضهم: شِعِير، وبِعِيرٌ، ورِغِيفٌ، وما أشبه ذلك -يعني بكسر أولها وثانيها- لتقريب الصوت من الصوت -يعني للمناسبة- فلا يكون هذا إلا مع حروف الحلق. انتهى (٦).

(رِبًا إِلَّا هَماءَ وَهَماء) استُدِلّ بهذا على أن البرّ والشعير صنفان، وهو قول


(١) "الفتح" ٥/ ٦٤٤.
(٢) "المفهم" ٤/ ٤٧٢.
(٣) راجع: "المصابيح" ١/ ٤٣، و"القاموس" ص ٩٤.
(٤) "الصحاح" ص ٨٤.
(٥) "المصباح المنير" ١/ ٣١٥.
(٦) "لسان العرب" ٤/ ٤١٠.