قال الخطّابيّ رحمه الله: اختلف أهل العلم في بيع الحيوان بالحيوان نسيئةً، فكَرِه ذلك عطاء بن أبي رَبَاح، ومنع منه سفيان الثوريّ، وهو مذهب أصحاب الرأي، ومنع منه أحمد، واحتجّ بحديث سمرة، وقال مالك: إذا اختلفت أجناسها جاز بيعها نسيئة، وإن تشابهت لم يَجُز، وجوّز الشافعيّ بيعها نسيئةً، كانت جنسًا واحدًا، أو أجناسًا مختلفةً، إذا كان أحد الحيوانين نقدًا. انتهى كلام الخطّابيّ رحمه الله (١).
وقال الإمام البخاريُّ رحمه الله في "صحيحه":
"باب بيع العبيد، والحيوان بالحيوان نسيئة"، واشتَرَى ابن عمر راحلةً بأربعة أبعرة، مضمونة عليه، يُوفيها صاحِبَهَا بالرَّبَذَة، وقال ابن عباس: قد يكون البعير خيرًا من البعيرين، واشترى رافع بن خَدِيج بعيرًا ببعيرين، فأعطاه أحدهما، وقال: آتيك بالآخر غدًا، رَهْوًا، إن شاء الله، وقال ابن المسيِّب: لا ربا في الحيوان، البعير بالبعيرين، والشاة بالشاتين إلى أجل، وقال ابن سيرين: لا بأس بعير ببعيرين نسيئة.
ثم أخرج بسنده عن أنس -رضي الله عنه-، قال:"كان في السبي صفية، فصارت إلى دحية الكلبيّ، ثم صارت إلى النبيّ -صلى الله عليه وسلم-". انتهى.
قال في "الفتح": قوله: "باب بيع العبد، والحيوان بالحيوان نسيئة": التقدير: بيع العبد بالعبد نسيئة، والحيوان بالحيوان نسيئة، وهو من عطف العام على الخاص، وكانه أراد بالعبد جنس من يُستعبد، فيدخل فيه الذكر والأنثى، ولذلك ذكر قصة صفية، أو أشار إلى إلحاق حكم الذَّكر بحكم الأنثى في ذلك؛ لعدم الفرق.
قال ابن بطال رحمه الله: اختلفوا في ذلك، فذهب الجمهور إلى الجواز، لكن شَرَط مالك أن يختلف الجنس، ومنع الكوفيون، وأحمد مطلقًا؛ لحديث سمرة المخرَّج في "السنن"، ورجاله ثقات، إلا أنه اختُلِف في سماع الحسن من سمرة.
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: حديث سمرة -رضي الله عنه- المذكور ضعيف، وقد