معلوم لا يختلف، أشبه أعياد المسلمين، وفارق ما يختلف، فإنه لا يعلمه المسلمون.
[القسم الثاني]: ما لا يعرفه المسلمون، كعيد الشعانين، وعيد الفطير، ونحوهما، فهذا لا يجوز السلم إليه؛ لأن المسلمين لا يعرفونه، ولا يجوز تقليد أهل الذمة فيه؛ لأن قولهم غير مقبول، ولأنهم يقدمونه ويؤخرونه على حساب لهم، لا يعرفه المسلمون، وإن أسلم إلى ما لا يختلف، مثل كانون الأول، ولا يعرفه المتعاقدان، أو أحدهما لم يصح؛ لأنه مجهول عنده، قاله الموقق أيضًا، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
(المسألة الحادية عشرة): في الكلام على الشرط الخامس: وهو كون المُسْلَم فيه عامّ الوجود في محله، قال الموفّق رَحِمَهُ اللهُ: ولا نعلم فيه خلافًا، وذلك لأنه إذا كان كذلك، أمكن تسليمه عند وجوب تسليمه، وإذا لم يكن عامّ الوجود، لم يكن موجودًا عند المحل بحكم الظاهر، فلم يمكن تسليمه، فلم يصح بيعه، كبيع الآبق، بل أولى، فإن المسلم احتُمِل فيه أنواع من الغرر للحاجة، فلا يُحتَمل فيه غرر آخر؛ لئلا يكثر الغرر فيه، فلا يجوز أن يسلم في العنب، والرطب، إلى شباط أو آذار، ولا إلى محل لا يُعلم وجوده فيه، كزمان أول العنب، أو آخره، الذي لا يوجد فيه إلا نادرًا، فلا يؤمَن انقطاعه.
ولا يجوز أن يُسلم في ثمرة بستان بعينه، ولا قرية صغيرة؛ لكونه لا يؤمَن تلفه وانقطاعه. قال ابن المنذر: إبطال السلم إذا أسلم في ثمرة بستان بعينه، كالإجماع من أهل العلم، وممن حفظنا عنه ذلك: الثوريّ، ومالك، والأوزا عيّ، والشافعيّ، وأصحاب الرأي، وإسحاق، قال: ورَوينا عن النبيّ -صلى الله عليه وسلم-: أنه أسلف إليه رجل من اليهود دنانير، في تمر مسمى، فقال اليهودي: من تمر حائط بني فلان، فقال النبيّ -صلى الله عليه وسلم-: "أما من حائط بني فلان فلا، ولكن كيل مسمى، إلى أجل مسمى"، رواه ابن ماجه (١) وغيره، ورواه أبو إسحاق الجوزجانيّ في "المترجم"، وقال: أجمع الناس على الكراهة لهذا
(١) رواه ابن ماجه في "سننه" ٢/ ٧٦٦، وهو حديث ضعيف؛ لأن في سنده الوليد بن مسلم، وهو معروف بالتدليس، وقد رواه بالعنعنة.