للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

على الأيمان الفاجرة، وأما محق الحسنات في الآخرة، فلا بدّ منه لمن لم يتب، وسبب هذا كلّه أن اليمين الكاذبة يمين غَمُوس، يؤكل بها مال المسلم بالباطل. انتهى كلام القرطبيّ رَحِمَهُ اللهُ (١).

وقوله: (لِلرِّبْحِ") ولفظ البخاريّ من طريق الليث، عن يونس: "للبركة"، ولفظ النسائيّ من طريق ابن وهب، عن يونس: "للكسب"، قال في "الفتح": قوله: "للبركة" تابعه عنبسة بن خالد، عن يونس عند أبي داود، وفي رواية ابن وهب، وأبي صفوان عند مسلم: "للربح"، وتابعهما أنس بن عياض، عند الإسماعيليّ، ورواه الليث عند الإسماعيليّ بلفظ: "ممحقة للكسب"، وتابعه ابن وهب عند النسائيّ، ومال الإسماعيليّ إلى ترجيح هذه الرواية، وقد اختُلِف في هذه اللفظة على الليث، كما اختلف على يونس، قال: ووقع للمزيّ في "الأطراف" في نسبة هذه اللفظة لمن خرّجها وَهَمٌ يُعْرَف مما حررته. انتهى (٢).

والمعنى أن الحلف مظنّة لرواج السلعة في الحال، لكنه مزيل لبركتها في المآل، بأن يسلّط الله تعالى عليها وجوهًا من أسباب التلف، إما سرقة، أو حرقًا، أو غرَقًا، أو غصبًا، أو نهبًا، أو عوارض أخرى يتلف بها ما شاء الله تعالى، فيكون كسبه، وجمعه مجرّد تعب، وكدّ، وهو عقاب من الله تعالى، مع ما ينتظره من العذاب الأليم في الآخرة، إن لم يتب، كما قال عز وجل: {فَلَا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ (٥٥)} [التوبة: ٥٥]، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

مسائل تتعلق بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- هذا متّفقٌ عليه.

(المسألة الثانية): في تخريجه:

أخرجه (المصنّف) هنا [٤٨/ ٤١١٨] (١٦٠٦)، و (البخاريّ) في "البيوع"


(١) "المفهم" ٤/ ٥٢٢ - ٥٢٣.
(٢) "الفتح" ٥/ ٥٤٤، كتاب "البيوع" رقم (٢٠٨٧).