للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

كنظائره: "شركةٌ" بفتح، فكسر، و"شِرْكة"، بنقل كسرة الراء إلى الشين، وتسكين الراء، و"شَرْكةٌ" بفتح، فسكون، نظير كَلِمة، وكلْمة، وكَلْمة.

وقال القرطبيّ رَحِمَهُ اللهُ: الشَّرْكُ: النصيب المشترك، وقد يقال على الشريك، كقوله تعالى: {جَعَلَا لَهُ شُرَكَاءَ (١) فِيمَا آتَاهُمَا} [الأعراف: ١٩٠]؛ أي: شريكًا، قال: وهذا يدلّ على أن الشفعة إنما تُستَحقّ بالاشتراك في رقبة المُلك، لا باستحقاق منفعة في المُلك، كممرّ طريق، ومسيل ماء، واستحقاق سُكنى؛ لأن كلّ ذلك ليس بشرك. انتهى (٢).

وقال النوويّ رَحِمَهُ اللهُ: أجمع المسلمون على ثبوت الشفعة للشريك في العَقار ما لم يُقْسَم، قال العلماء: الحكمة في ثبوت الشفعة إزالة الضرر عن الشريك، وخُصّت بالعقار؛ لأنه أكثر الأنواع ضررًا، واتفقوا على أنه لا شفعة في الحيوان، والثياب، والأمتعة، وسائر المنقول، قال القاضي: وشَذَّ بعض الناس، فأثبت الشفعة في العُروض، وهي رواية عن عطاء، وتثبت في كل شيء حتى في الثوب، وكذا حكاها عنه ابن المنذر، وعن أحمد رواية أنها تثبت في الحيوان، والبناء المنفرد. انتهى (٣).

وقوله: (لَمْ تُقْسَمْ) قال القرطبيّ رَحِمَهُ اللهُ: هذا يفيد أن الشفعة لا تجب إلا بالجزء المشاع؛ الذي يتأتى إفرازه بالمسمة، فلا تجب فيما لا ينقسم، كالحمَّام، والرَّحا، وفحل النخل، والبئر، وما أشبه ذلك مما لا ينقسم، وأعني بكونه لا ينقسم: أنه لو قُسِمَ لبطلت المنفعة المقصودة منه قبل القَسْم، كالحمَّام إذا قُسِم بطل كونه حمّامًا، وكذلك الرَّحا، وهذا هو مشهور المذهب (٤)، وقيل: تجري الشفعة في ذلك؛ لأنه وإن بطل كونه حمّامًا فيصح أن ينقسم بيوتًا مثلًا، أو دكاكين، والظاهر الأول، وهو قول ابن القاسم؛ لأنه يلزم من قَسْمه إفساد مالية عظيمة، وذلك ضرر عظيم فيُدفع. انتهى (٥)، وقد مرّ


(١) بكسر الشين، وسكون الراء، وهي قراءة نافع، وأبي بكر عن عاصم، كما قاله السمين الحلبي.
(٢) "المفهم" ٤/ ٥٢٣ - ٥٢٤.
(٣) "شرح النوويّ" ١١/ ٤٥ - ٤٦.
(٤) يعني: المذهب المالكيّ.
(٥) "المفهم" ٤/ ٥٢٤.