للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

إذا صح الحديث، فاضربوا بقولي عُرْضَ الحائط، وقال الزركشيّ: إنه صَرّح به الفارقيّ، وقال الأذرعيّ: إنه الذي يقتضيه نصّ الشافعيّ، وحمله الجمهور من الشافعية وغيرهم على الندب، وكراهةِ ترك الإعلام، قالوا: لأنه يَصْدُق على المكروه أنه ليس بحلال، وهذا إنما يتم إذا كان اسم الحلال مختصًّا بما كان مباحًا، أو مندوبًا، أو واجبًا، وهو ممنوع، فإن المكروه من أقسام الحلال، كما تقرر في الأصول. انتهى كلام الشوكانيّ رَحِمَهُ اللهُ (١).

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: عندي أن القول بالوجوب هو الحقّ؛ لأن لفظ: "لا يحلّ" ظاهر في التحريم، ولا ينافي ذلك عدم فساد البيع؛ إذ لا يستلزم، كما سبق في النهي عن النجش، وبيع المصرّاة، وتلقّي الجلب، فكلها محرّمة، ولم يفسد البيع بها، بل خُيّر المشتري بين إمضاء البيع، وفسخه، والله تعالى أعلم.

(فَإِنْ شَاء أَخَذَ، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ)؛ يعني أن الشريك إن شاء أخذ المبيع بما أعطى المشتري من الثمن؛ لأنه أحقّ به بعد البيع، وإن شاء ترك ذلك.

(فَإِذَا بَاعَ) مالكُ ما ذُكر من الربعة، وغيرها (وَلَمْ يُؤْذِنْهُ)؛ أي: لم يُعلم شريكه بالبيع (فهُوَ أَحَقُّ بِهِ")؛ أي: فالشريك أولى بالمبيع من المشتري، يأخذه بالثمن الذي اشتراه به، من عين، أو عَرَض، نقدًا، أو إلى أجل، وهو قول مالك، وأصحابه، وذهب أبو حنيفة، والشافعيّ إلى أنه لا يشفع إلى الأجل، بل إنه إن شاء شفع بالنقد، وإن شاء صبر إلى الأجل، فيشفعه عنده. انتهى (٢).

وقال القرطبيّ رَحِمَهُ اللهُ: وقوله: "فإن شاء أخذ، وإن شاء ترك"، يعني: إن شاء أخذ الشفعة بما أُعطي به من الثمن؛ لأنه أحقّ به بعد البيع، فيكون له بما أعطي به من الثمن قبله. وفيه دليل: على أن من نزل عن الشفعة قبل وجوبها لزمه ذلك إذا وقع البيع، ولم يكن له أن يرجع فيه، وبه قال الثوريّ، وأبو عبيد، والحكم، وهي إحدى الروايتين عن مالك، وأحمد بن حنبل، وذهب


(١) "نيل الأوطار" ٥/ ٣٥٧ - ٣٥٨.
(٢) "المفهم" ٤/ ٥٢٨.