قال النوويّ رحمه الله رحمه الله: معنى هذا الحديث أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- قال: أنا قائم بمصالحكم في حياة أحدكم وموته، وأنا وَلِيُّه في الحالين، فإن كان عليه دَين قضيته من عندي إن لم يَخْلُف وفاء، وإن كان له مال فهو لورثته، لا آخذ منه شيئًا، وإن خَلَف عيالًا محتاجين ضائعين فليأتوا إليَّ فعليَّ نفقتهم ومؤنتهم. انتهى (١).
(فَمَنْ تُوُفِّيَ) بالبناء للمفعول؛ أي: مات (وَعَلَيْهِ دَيْن، فَعَلَيَّ قَضَاؤُهُ)؛ أي: إذا لم يترك وفاءً؛ لِمَا في الرواية السابقة:"كان يؤتى بالرجل الميّت، عليه الدَّين، فيسأل هل ترك لدَينه من قضاء، فإن حُدِّث أنه ترك وفاء صلى عليه … " الحديث، وفي رواية البخاريّ:"فمن مات، وعليه دَينٌ، ولم يترك وفاءً، فعلينا قضاؤه".
وقال في "الفتح": قوله: "ولم يترك وفاءً فعلينا قضاؤه" يَخُصّ ما أُطلق في رواية عُقيل بلفظ: "فمن تُوُفِّي من المؤمنين، وترك دَينًا، فعليّ قضاؤه"، وكذا قوله في الرواية الأخرى:"فإن ترك دَينًا، أو ضَيَاعًا فليأتني، فأنا مولاه، أو وليّه"، فعُرِف أنه مخصوص بمن لم يترك وفاءً، وقوله:"فليأتني"؛ أي: مَن يقوم مقامه في السعي في وفاء دَينه، أو المراد صاحب الدَّين، وأما الضمير في قوله:"مولاه" فهو للميت المذكور.
قال: وهل كان قضاء دَينه من خصائصه -صلى الله عليه وسلم-، أو يجب على وُلاة الأمر بعده؟ والراجح الاستمرار، لكن وجوب الوفاء إنما هو من مال المصالح.
ونَقَلَ ابن بطال وغيره أنه -صلى الله عليه وسلم- كان يتبرع بذلك، وعلى هذا لا يجب على مَنْ بعدَه، وعلى الأول قال ابن بطال: فإن لم يُعْطِ الإمام عنه من بيت المال لم يُحبَس عن دخول الجَنَّة؛ لأنه يَستحقّ القدر الذي عليه في بيت المال ما لم يكن دَينه أكثر من القدر الذي له في بيت المال مثلًا.
قال الحافظ: والذي يظهر أن ذلك يدخل في الْمُقَاصّة، وهو كمنْ له حقّ، وعليه حقّ، وقد مضى أنهم إذا خلصوا من الصراط حُبِسوا عند قنطرة بين الجَنَّة والنار، يتقاصَّون المظالم حتى إذا هُذِّبُوا ونُقُّوا أُذِن لهم في دخول الجَنَّة،