للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقال القرطبيّ رحمه الله: وهذا الكلام إنما قاله النبيّ -صلى الله عليه وسلم- حين رفع ما كان قرّره من امتناعه من الصلاة على من مات وعليه دين لم يترك له وفاء؛ كما قاله أبو هريرة: كان النبيّ -صلى الله عليه وسلم- يؤتى بالميت عليه الدين، فيسأل: "هل ترك لدينه وفاء؟ " فإن قيل: إنه ترك وفاء؛ صلى عليه، وإن قالوا: لا؛ قال: "صلوا على صاحبكم" قال: فلما فتح الله تعالى عليه الفتوح؛ قال: "أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم، من توفي فترك دينًا، فعليّ، ومن ترك مالًا فلورثته".

وقال القاضي: وهذا مما يلزم الأئمة من الفروض في مال الله تعالى للذرية وأهل الحاجة، والقيام بهم وقضاء ديون محتاجيهم. انتهى (١).

وقال الحافظ ابن كثير: رحمه الله عند تفسير قوله تعالى: {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ} الآية [الأحزاب: ٦]، ما نصّه: قد عَلِمَ الله تعالى شفقة رسوله -صلى الله عليه وسلم- على أمته، ونصحَه لهم، فجعله أولى بهم من أنفسهم، وحكمه فيهم مُقَدّمًا على اختيارهم لأنفسهم، كما قال تعالى: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (٦٥)} [النساء: ٦٥]. وفي "الصحيحين": "والذي نفسي بيده، لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من نفسه وماله وولده والناس أجمعين"، وفي "صحيح البخاريّ": أن عمر -رضي الله عنه-، قال: يا رسول الله، والله لأنت أحب إلي من كلّ شيء إلَّا من نفسي، فقال: "لا يا عمر، حتى أكون أحب إليك من نفسك". فقال: يا رسول الله لأنت أحب إليّ من كلّ شيء حتى من نفسي، فقال: "الآن يا عمر"، ولهذا قال تعالى في هذه الآية: {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ}. انتهى (٢)، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

مسائل تتعلّق بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- هذا متّفقٌ عليه.

(المسألة الثانية): في تخريجه:

أخرجه (المصنّف) هنا [٤/ ٤١٥٠ و ٤١٥١ و ٤١٥٢ و ٤١٥٣ و ٤١٥٤


(١) "المفهم" ٢/ ٥١٠.
(٢) "تفسير ابن كثير" ٦/ ٣٧٩ - ٣٨٠.