للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

للإصلاح، والضَّيَاع في الأصل: مصدر ضاع، ثم جُعِل اسمًا لكل ما هو بصدد أن يضيع من عيال، وبنين لا كافل لهم، ومالٍ لا قيِّم له، وسمِّيت الأرض ضَيعة؛ لأنها مُعَرَّضةٌ للضياع، وتُجمع على: ضِياعٍ -بكسر الضاد-. انتهى (١).

وقال الفيّوميّ رحمه الله: ضَاعَ الشيء يَضِيعُ ضَيْعَةً، وضَيَاعًا بالفتح، فهو ضَائِع، والجمع: ضُيَّعٌ، وضِيَاعٌ، مثل رُكَّع، وجِياع، ويتعدى بالهمزة، والتضعيف، فيقال: أَضَاعَهُ، وضَيَّعَهُ، والضَّيْعَةُ: العَقَار، والجمع: ضِيَاعٌ، مثل كَلبَة وكِلَاب، وقد يقال: ضِيَعٌ، كأنه مقصور منه، وأَضَاعَ الرجلُ بالألف: كَثُرت ضِيَاعُهُ، والضَّيْعَةُ: الحرفة والصناعة، ومنه: كُلُّ رَجُلٍ وَضَيْعَتُهُ، والمَضِيعَةُ: بمعنى الضَّيَاعِ، ويجوز فيها كسر الضاد، وسكون الياء، مثل مَعِيشة، ويجوز سكون الضاد، وفتح الياء، وزانُ مَسْلَمَة، والمراد بها: المفازة المنقطعة، وقال ابن جني: المَضِيعَةُ: الموضع الذي يَضِيع فيه الإنسان، قال: ومنه يقال: ضَاعَ يَضِيعُ ضَيَاعًا بالفتح أيضًا: إذا هَلَكَ. انتهى (٢).

(فَأَنَا مَوْلَاهُ)؛ أي: أتولَّى شأنه، وأقوم بأداء دَينه، والوفاء بما عليه.

قال صاحب "التكملة": هذا دليلٌ على أنَّ بيت مال المسلمين يتكفّل بحاجات كلّ من يعجز عن الكسب، وليس له من أقاربه من يقوم بأمره، وقال الإمام محمد بن الحسن الشيبانيّ: رحمه الله: فعلى الإمام أن يتّقي الله في حرف الأموال إلى المصارف، فلا يَدَع فقيرًا إلَّا أعطاه حقّه من الصدقات حتى يُغنيه وعياله، وإن احتاج بعض المسلمين، وليس في بيت المال من الصدقات شيء، أعطى الإمام ما يحتاجون إليه من بيت مال الخراج، ولا يكون ذلك دينًا على بيت مال الصدقة؛ لِمَا بيّنّا أن الخراج وما في معناه يُصرف إلى حاجة المسلمين، ذكره السرخسيّ رحمه الله في "المبسوط" (٣).

قال: فهذا من أكبر الضمانات الاجتماعيّة التي أقرّ بها الإسلام في حين لم يكن أحد يتصوّر ذلك، ولا يعرفه من يتباهون اليوم بنعرات الاشتراكيّة، والعدالة الاجتماعيّة، ويتناسون أن الضمان الاجتماعيّ في نظامهم إنما يقوم


(١) "المفهم" ٤/ ٥٧٦.
(٢) "المصباح المنير" ٢/ ٣٦٦.
(٣) راجع: "المبسوط" ٣/ ١٨، كتاب "الزكاة"، "باب ما يوضع فيه الخمس".