للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

على قيمة حرّيّة الأفراد، والأملاك، والأفكار، والقلوب، وإن الضمان الاجتماعيّ الذي أعلن به رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قبل أربعة عشر قرنًا خالٍ عن هذه المفاسد كلّها. انتهى (١).

(وَأَيُّكُمْ تَرَكَ مَالًا، فَإِلَى الْعَصَبَةِ مَنْ كَانَ) قال الداوديّ رحمه الله: المراد بالعصبة هنا الورثة، لا من يَرِث بالتعصيب؛ لأن العاصب في الاصطلاح من له سهم مقدَّر من المُجْمَع على توريثهم، ويرث كلُّ المال إذا انفرد، ويرث ما فضل بعد الفروض بالتعصيب، وقيل: المراد بالعصبة هنا: قرابة الرجل، وهم من يلتقي مع الميت في أب، ولو علا، سُمُّوا بذلك؛ لأنهم يحيطون به، يقال: عَصَب الرجل بفلان: أحاط به، ومن ثَمَّ قيل: تعصَّب لفلان؛ أي: أحاط به.

وقال الكرمانيّ رحمه الله: المراد: العصبة بعد أصحاب الفروض، قال: ويؤخذ حكم أصحاب الفروض من ذكر العصبة بطريق الأولي، ويشير إلى ذلك قوله: "من كانوا"، فإنه يتناول أنواع المنتسبين إليه بالنفس، أو بالغير، قال: ويَحْتَمِل أن تكون"من" شرطيّة. انتهى (٢).

والحديث متّفقٌ عليه، وقد مضى تمام شرحه، وبيان مسائله قبل حديث، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

وبالسند المتّصل إلى المؤلّف رحمه الله أَوَّل الكتاب قال:

[٤١٥٣] ( … ) - (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ، قَالَ: هَذَا مَا حَدَّثَنَا أبُو هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-، فَذَكَرَ أَحَادِيثَ، مِنْهَا: وَقَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "أَنَا أَوْلَى النَّاسِ بِالْمُؤْمِنِينَ، فِي كِتَابِ اللهِ -عَزَّوَجَلَّ-، فَأَيُّكُمْ مَا تَرَكَ دَيْنًا، أَوْ ضَيْعَةً، فَادْعُونِي، فَأَنَا وَلِيُّهُ، وَأَيُّكُمْ مَا تَرَكَ مَالًا، فَلْيُؤْثَرْ بِمَالِهِ عَصَبَتُهُ مَنْ كَانَ").

رجال هذا الإسناد: خمسة:

١ - (عَبْدُ الرَّزاقِ) بن همّام الصنعانيّ، تقدّم قبل بابين.

٢ - (مَعْمَرُ) بن راشد، تقدّم أيضًا قبل بابين.


(١) راجع: "تكملة فتح الملهم" ٢/ ٤٨.
(٢) "الفتح" ١٥/ ٤٢٩ - ٤٣٠.