٣ - (هَمَّامُ بْنُ مُنَبِّهِ) بن كامل الأبناويّ، أبو عقبة الصنعانيّ، ثقةٌ [٤](ت ١٣٢)(ع) تقدّم في "الإيمان" ٢٦/ ٢١٣.
والباقيان ذُكرا قبله.
شرح الحديث:
(عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ) أنه (قَالَ: هَذَا مَا حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-) قد تقدّم شرح هذا الكلام غير مرّة، وهو إشارة إلى أن هذا الحديث مأخوذ من "صحيفة" همّام بن منبّه، وهي مطبوعة اليوم مستقلّة، وهذا الحديث فيها هو الحديث (١٢١) وفيها: "فأيكم ترك دينًا أو ضيعةً، فادعوني، فإني وليّه، وأيكم ما ترك مالًا … " من غير زيادة "ما" في الأول دون الثاني.
(فَذَكَرَ) بالبناء للفاعل، والفاعل ضمير همّام، وقوله:(أَحَادِيثَ) منصوب على المفعوليّة وقوله: (مِنْهَا) جارّ ومجرور خبر مقدّم لقوله: (وَقَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-) إذ هو محكيّ لقصد لفظه مبتدأ مؤخّر ("أَنَا أَوْلَى النَّاسِ بالْمُؤْمِنِينَ) قال الحافظ وليّ الدين رحمه الله: إنما قَيَّد ذلك بالناس؛ لأنَّ الله تعالى أَولى بهم منه، وقوله:(فِي كِتَابِ اللهِ -عَزَّوَجَلَّ-) أشار به إلى قوله تعالى: {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ}[الأحزاب: ٦]، وقد صَرَّح بذلك في رواية البخاريّ، من طريق عبد الرَّحمن بن أبي عمرة، بلفظ: "ما من مؤمن إلَّا وأنا أولى الناس به في الدنيا والآخرة، اقرءوا إن شئتم:{النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ}.
[فإن قلت]: الذي في الآية المكريمة أنه أولى بهم من أنفسهم، ودلّ الحديث على أنَّه أولى بهم من سائر الناس، ففيه زيادة.
[قلت]: إذا كان أولى بهم من أنفسهم، فهو أولى بهم من بقية الناس، من باب أولى؛ لأن الإنسان أولى بنفسه من غيره، فإذا تقدم النبيّ -صلى الله عليه وسلم- على النفس، فتقدُّمه في ذلك على الغير من طريق أولي، وحكى ابن عطية في "تفسيره" عن بعض العلماء العارفين أنه قال: هو أولى بهم من أنفسهم؛ لأن أنفسهم تدعوهم إلى الهلاك، وهو يدعوهم إلى النجاة، قال ابن عطية: ويؤيد هذا قوله -صلى الله عليه وسلم-: "وأنا آخذ بِحُجَزكم عن النار، وأنتم تقحمون فيها