للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

تَقَحُّم الفراش" (١) (٢).

[تنبيه]: قال وليّ الدين رحمه الله: اسَتْنَبط أصحابنا الشافعية من هذه الآية المكريمة أن له -عليه الصلاة والسلام- أن يأخذ الطعام والشراب من مالكهما المحتاج إليهما، إذا احتاج -عليه الصلاة والسلام- إليهما، وعلى صاحبهما البذل، ويَفْدِي بمُهْجَته مهجة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وأنه لو قصده -صلى الله عليه وسلم- ظالم وجب على من حضره أَن يبذل نفسه دونه، وهو استنباط واضح.

قال: ولم يذكر النبيّ -صلى الله عليه وسلم- نزول هذه الآية ما له في ذلك من الحظ، وإنما ذكر ما هو عليه فقال: "أيكم ما ترك دينًا، أو ضيعةً، فادعوني، فأنا وليه"، وترك حظه، فقال: "وأيكم ما ترك مالًا فليؤثر عصبته من كان". انتهى (٣).

(فَأَيُّكُمْ مَا تَرَكَ دَيْنًا) ما زائدة للتأكيد (أَوْ ضَيْعَةً) -بفتح الضاد، وإسكان الياء المثناة من تحتُ بعدها عين مهملة- وفي رواية أخرى: "ضَياعًا" -بفتح الضاد- والمراد بهما هنا: عيال محتاجون ضائعون، والمعنى: مَن ترك أولادًا أو عيالًا ذوي ضَياع؛ أي: لا شيء لهم، وهو في الأصل مصدر مِنْ ضاع يضيع، وجُعِل اسمًا لكل ما يُعَرَّض للضَّياع، وكذا قوله في رواية أخرى: "كَلًّا"، وهو بفتح الكاف، وتشديد اللام، قال الخطابيّ وغيره: المراد به هنا: العيال، وأصله الثِّقَلُ. انتهى.

وقال القرطبيّ رحمه الله: والضياع: العيال؛ قاله النضر بن شُمَيل، وقال ابن قتيبة: هو مصدر ضاع يضيع، ضياعًا، ومثله: مضى يمضي مضاءً، وقضى يقضي قضاءً، أراد: من ترك عيالا عالة وأطفالا، فجاء بالمصدر موضع الاسم؛ كما تقول: ترك فقرًا؛ أي: فقراء. والضياع -بالكسر-: جمع ضائع؛ مثل: جائع وجياع، وضيعة الرجل أيضًا: ما يكون منه معاشه؛ من صناعة أو غلة؛ قاله الأزهري. وقال شمر: ويدخل فيه: التجارة والحرفة، يقال: ما


(١) متّفقٌ عليه بنحوه.
(٢) "طرح التثريب في شرح التقريب" ٦/ ١٩٥.
(٣) "طرح التثريب في شرح التقريب" ٦/ ١٩٦.