للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وذكورًا فعلى سبيل التغليب، ولم يذكر ابنُ سعد لبشير والد النعمان ولدًا غير النعمان، وذكر له بنتًا اسمها أُبَيَّة -بالموحدة- تصغير أبيّ. انتهى (١).

وقوله: (نَحَلْتَهُ مِثْلَ هَذَا؟) وفي رواية أبي حيان الآتية: "فقال: أكلّهم وهبت له مثل هذا؟ قال: لا"، وفي رواية إسماعيل بن أبي خالد، عن الشعبيّ: "فقال: ألك بنون سواه؟ قال: نعم، قال: فكلهم أعطيت مثل هذا؟ قال: لا"، وفي رواية ابن القاسم في "الموطآت" للدارقطنيّ عن مالك: "قال: لا، والله يا رسول الله".

وقال القرطبيّ رحمه الله: وقوله: "أكلّ ولدك نحلته مثل هذا" تنبيهٌ على أن الإنسان إذا أعطى بنيه سوَّى بينهم، ذَكَرَهم وأنثاهم، وأن ذلك الأفضل، وإليه ذهب القاضي أبو الحسن ابن القصار من أصحابنا -يعني: المالكيّة- وجماعة من المتقدِّمين، وذهب آخرون؛ منهم: عطاء والثوريّ، ومحمد بن الحسن، وأحمد، وإسحاق، وابن شعبان من أصحابنا: إلى أن الأفضل: للذكر مثل حظ الأنثيين، على قسمة الله تعالى المواريث.

قال: وقوله في الرِّواية الأخرى: "أفعلت هذا بولدك كلهم؟ " هذه الرواية بمعنى اللفظ الأول، فهو نقلٌ بالمعنى، وكان هذا القول من النبيّ -صلى الله عليه وسلم- بعد أن سأله، فقال له: "ألك ولدٌ غيره؟ "، كما جاء في الرواية الأخرى، فلما أجابه عن قوله: "أفعلت هذا بولدك كلهم؟ " بقوله: لا، قال: "اتقوا الله، واعدلوا بين أولادكم"، وحينئذ قال: "لا تشهدني، لا يصلح هذا، أشهدْ غيري، فإني لا أشهد على جَوْر"، وفي الأخرى: "فإني لا أشهد إلا على حقّ"، وهو بمعنى: "لا أشهد على جَوْر"، وكان هذا منه -صلى الله عليه وسلم- لمّا سأله بشير أن يشهد على الهبة، كما قال: "إن ابنة رواحة أعجبها أن أُشهدك على ما وهبتُ لابنها"، ثم نبّهه -صلى الله عليه وسلم- على علَّة أمره بالتسوية بينهم بقوله: "أتحبُّ أن يكونوا لك في البرِّ سواء؟ " قال: نعم، قال: "فلا إذًا".

قال القرطبيّ: وإذا تأملت هذا تبيَّنْتَ أن لا اضطراب في الروايات، وانتظم ما يظهر في بادئ الأمر من الشَّتات. انتهى (٢).


(١) "الفتح" ٦/ ٤٤٠.
(٢) "المفهم" ٤/ ٥٨٤ - ٥٨٥.