للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقوله: (إِنَّ أُمِّيَ) هي: عمرة بنت سعد بن عمرو بن زيد مناة، وقيل: بنت سعد بن قيس، وقيل: بنت مسعود بن قيس بن عمرو بن زيد مناة بن عديّ بن عمرو بن مالك بن النجّار، ماتت -رضي الله عنهما- في حياة النبيّ-صلى الله عليه وسلم - سنة خمس، كما تقدّم أيضًا بالرقم المذكور.

وقوله: (افْتُلِتَتْ نَفْسُهَا) -بضمّ المثنّاة، وكسر اللام-؛ أي: سُلِبَت، على ما لم يُسمّ فاعله، و"نفسها" بالرفع نائب الفاعل، يقال: افْتُلِتَ فلانٌ؛ أي: مات فجأةً، وافتُلتت نفسه كذلك، وضبطه بعضهم بفتح السين، إما على التمييز، وإما على أنه مفعول ثان، والفَلْتَةُ، والإفلات: ما وقع بغتة، من غير رويّة، وذكر ابن قُتيبة بالقاف، وتقديم المثنّاة، وقال: هي كلمة تقال لمن قتله الحبّ، ولمن مات فَجْأة، والمشهور في الرواية بالفاء.

وقال النوويّ رحمه الله: قوله: "افتُلِتَتْ نفسُها" ضبطناه "نفسَها"، و"نفسُها" بنصب السين ورفعها، فالرفع على أنه مفعولُ ما لم يُسَمَّ فاعلُه، والنصب على أنه مفعولٌ ثانٍ، قال القاضي عياضٌ: أكثر روايتنا فيه بالنصب، وقوله: "افتُلتت" بالفاء، هذا هو الصواب الذي رواه أهل الحديث وغيرهم، ورواه ابن قتيبة: "اقتُتِلت نفسها" بالقاف، قال: وهي كلمة تقال لمن مات فَجْأَةً، ويقال أيضًا لمن قتلته الجنّ والعشق، والصواب الفاء، قالوا: ومعناه: ماتت فَجْأَةً، وكلُّ شيء فُعِل بلا تَمَكّث، فقد افتُلِتَ، ويقال: افْتَلَتَ الكلامَ، واقترحه، واقتضبه: إذا ارتجله. انتهى (١).

وقوله: (وَإِنِّي أَظُنُّهَا … إلخ) إنما قال هذا لِمَا عَلِمه من حرصها على الخير، أو لِمَا عَلِمه من رغبتها في الوصيّة، قاله النوويّ رحمه الله (٢).

وقوله: (فَلِي أَجْرٌ أَنْ أتصَدَّقَ عَنْهَا؟) وفي الرواية التالية: "أفلها أجر إن تصدّقت عنها؟ "، ولا تنافي بينهما؛ لأنه يحصل له الأجر ببرّه أمه، كما يحصل لها الأجر بصدقته عنها، والله تعالى أعلم.

وقال القرطبيّ رحمه الله: وقوله: "فلها أجر؟ "، وفي الرواية الأخرى: "فلي أجر" لا تناقض بين الروايتين؛ لأنه يمكن أن يكون سأل النبيّ -صلى الله عليه وسلم- بالصيغتين،


(١) "شرح النووي" ٧/ ٨٩ - ٩٠.
(٢) "شرح النوويّ" ١١/ ٨٤.