للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الأرض، يقال: حَبَسَ الشيءَ في كذا: إذا خصّه له، ومن هنا سُمّي الوقف حبيسًا (وَتَصَدَّقْتَ بِهَا")؛ أي: تصدّقت بما يخرج منها من المنافع، يوضّح هذا المعنى ما في رواية عبيد الله بن عمر: "احبس أصلها، وسَبِّل ثمرتها وفي رواية يحيى بن سعيد: "تصدّق بثمره، وحبّس أصله"، والتسبيل الإباحة؛ كأنك جعلت عليه طريقًا مطروقًة، كذا في "مجمع البحار وقال السنديّ: قوله: "وسَبِّلْ" بتشديد الباء؛ أي: اجعل ثمرتها في سبيل الله، ومنه يقال: الوقف المسبَّل؛ يعني: الوقف المباح.

(قَالَ) ابن عمر (فَتَصَدَّقَ بِهَا عُمَرُ أَنَّهُ لَا يُبَاعُ، أَصْلُهَا)؛ أي: بشرط أن أصل هذا الوقف لا يجوز بيعه (وَلَا يُبْتَاعُ) كذا في نسخة، وهو الصواب؛ أي: لا يجوز شراؤه، ووقع في أكثر النسخ: "ولا يباع وفي المتن البولاقيّ: "ولا تباع"، وكلاهما غلطٌ، وتكرار (١)، فليُتنبّه.

زاد الدارقطنيّ من طريق عبيد الله بن عمر، عن نافع: "حَبِيسٌ ما دامت السماوات والأرض".

قال في "الفتح": كذا لأكثر الرواة عن نافع، ولم يختلفوا فيه عن ابن عون، إلا ما وقع عند الطحاويّ، من طريق سعيد بن سفيان الجحدريّ، عن ابن عون، فذكره بلفظ صخر بن جويرية الآتي، والجحدريّ إنما رواه عن صخر، لا عن ابن عون، قال السبكيّ: اغتبطتُ بما وقع في رواية يحيى بن سعيد، عن نافع، عند البيهقيّ: "تصدّقْ بثمره، وحبسن أصله، لا يباع، ولا يورث"، وهذا ظاهره أن الشرط من كلام النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، بخلاف بقية الروايات، فإن الشرط فيها ظاهره أنه من كلام عمر -رضي الله عنه-، ووقع في رواية صخر بن جويرية عند البخاريّ، بلفظ: "فقال النبيّ -صلى الله عليه وسلم-: تصدّق بأصله، لا يُباع، ولا يوهب، ولا يورث، ولكن يُنفق بثمره"، وهي أتمّ الروايات، وأصرحها في المقصود، فعَزْوها إلى البخاريّ أولى، وقد علّقه البخاريّ في المزارعة بلفظ: "قال النبيّ -صلى الله عليه وسلم- لعمر: تَصَدَّق بأصله، لا يباع، ولا يوهب، ولكن ليُنفق ثمره، فتَصَدَّق به"، فهذا صريح في كونه مرفوعًا، وعلى تقدير كون الشرط من قول


(١) راجع ما كتب في هامش: النسخة التركيّة ٥/ ٧٤.