للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

عمر، لكنه ما فعله إلا لِمَا فهمه من النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، حيث قال له: "احبس أصلها، وسَبِّلْ ثمرتها".

وقوله: "تصدّقْ" بصيغة أمر، وقوله: "فتصدّق" بصيغة الفعل الماضي. انتهى (١).

قال الجامع عفا الله عنه: خلاصة القول في هذا أن أكثر الرواة عن نافع جعلوا الشرط من كلام عمر -رضي الله عنه-، وبعضهم جعله مرفوعًا.

فمنهم: صخر بن جويرية، عند البخاريّ في الوصايا، ولفظه: "فقال النبيّ -صلى الله عليه وسلم-: تصدّق بأصله، لا يباع، ولا يوهب، ولا يورث، ولكن يُنفق ثمره".

ومنهم: أبو عاصم، وسعيد الجحدريّ، عند الطحاويّ، ولفظهما: "قال: إن شئت حبست أصلها، لا تباع، ولا توهب"، قال أبو عاصم: وأُراه قال: "لا تورث".

ومنهم: يحيى بن سعيد الأنصاريّ، عند الطحاويّ، والبيهقيّ، ولفظه: "فقال له النبيّ -صلى الله عليه وسلم-: تصدّق بثمره، واحبس أصله، لا يباع، ولا يورث"، ولفظ الطحاويّ: "تصدّق به، تقسم ثمره، وتحبس أصله، لا تباع، ولا توهب".

فهؤلاء الأربعة: صخر، وأبو عاصم، وسعيد الجحدريّ، ويحيى بن سعيد كلهم رووه عن نافع، وجعلوه من كلام النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، ولا مانع -كما قال بعض المحققين (٢) - من أن يكون من كلامه -صلى الله عليه وسلم-، ومن كلام عمر -رضي الله عنه- أيضًا، فذكر بعض الرواة ما لم يذكره الآخر، فَيُحمل على أنه -صلى الله عليه وسلم- قال هذا الشرط أوّلًا، ثم قاله عمر -رضي الله عنه- حين نفّذ وقفه فعلًا، والله تعالى أعلم.

(وَلَا يُورَثُ، وَلَا يُوهَبُ، قَالَ) ابن عمر (فَتَصَدَّقَ عُمَرُ فِي الْفُقَرَاءِ، وَفِي الْقُرْبَى، وَفِي الرِّقَابِ، وَفِي سَبِيلِ اللهِ، وَابْنِ السَّبِيلِ، وَالضَّيْفِ) زاد في رواية أزهر السمان: "وفي المساكين"، وجميع هؤلاء الأصناف إلا الضيف، هم المذكورون في آية الزكاة، وقد تقدّم بيانهم في "كتاب الزكاة".

وأما "القربى" فقال القرطبيّ: فظاهره أنه أراد به قرابته، وَيحْتَمِل أن يريد


(١) "الفتح" ٧/ ١٦.
(٢) راجع ما كتبه صاحب: "تكملة فتح الملهم" ٢/ ١٢٠.