للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

به قرابة النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، المذكورين في الخمس والفيء، وفيه بُعد؛ لأنه أطلق على ذلك الحبس صدقة، وهم قد حُرموا الصدقة، إلا إن تنزّلنا على أن الذي حُرموه هي الصدقة الواجبة فقط، والرافع لهذا الاحتمال الوقوف على ما صنع في صدقة عمر -رضي الله عنه-، فينبغي أن يُبحث عن ذلك، والأولى حمله على قرابة عمر -رضي الله عنه- الخاصّة به، والله أعلم. انتهى (١).

وأما "الضيف" فمعروف، وهو من يَنزل بقوم يُريد القِرَى منهم.

(لَا جُنَاحَ)؛ أي: لا إثم (عَلَى مَنْ وَليَهَا)؛ أي: من قام باستثمار تلك الأرض، وتنميتها (أَنْ يَأْكُلَ مِنْهَا بِالْمَعْرُوفِ)؛ أي: يأكل من رَيعها بالمعروف؛ أي: بحسب ما يتحمله رَيع الوقف على الوجه المعتاد (٢).

وقال القرطبيّ رحمه الله: هذا رفعٌ للحرج عن الوالي عليها، والعامل في تلك الصدقة في الأكل منها، على ما جرت به عادة العمال في الحيطان من أكلهم من ثمرها حالة عملهم فيها، فإن المنع من ذلك نادرٌ، وامتناع العامل من ذلك أندر، حتى لو اشتَرط ربّ الحائط على العامل فيه أن لا يأكل لَاسْتُقْبِحَ ذلك عادةً وشرعًا، وعلى ذلك فيكون المراد بالمعروف: القدر الذي يدفع الحاجة، ويردّ الشهوة، غير أكل بسرف، ولا نهمة، ولا متّخذًا خيانةً، ولا خُبْنة.

وقيل: مراد عمر -رضي الله عنه- بذلك أن يأكل العامل منها بقدر عمله، وفيه بُعْدٌ؛ لأنه لا يصحّ ذلك حتى يُتأول "يأكل" بمعنى "يأخذ"؛ لأن العامل إنما يأخذ أجرته، فيتصرّف فيها بما شاء من بيع، أو أكل، أو غير ذلك، و"أكل" بمعنى "أخذ" على خلاف الأصل؛ ولأن مساق اللفظ لا يُشعر بقصدٍ إلى أن تلك الإباحة إنما هي بحسب العمل، وبقدره، فتأمله، لا سيّما وقد أردف عليه: "ويطعم صديقًا، غير متأثّل مالًا"؛ يعني: صديقًا للوالي عليها، وللعامل فيها، وَيحْتَمِل صديقًا للمحبّس، وفيه بُعْدٌ. انتهى (٣).

(أَوْ يُطْعِمَ) بضمّ أوله، وكسر ثالثه، مبنيًّا للفاعل، وفي رواية للبخاريّ: "أو يُؤْكِلَ" بإسكان الواو، وهي بمعنى يُطعِم، وقوله: (صَدِيقًا) مفعول به


(١) "المفهم" ٤/ ٦٠٢.
(٢) راجع: "عمدة القاري" ٦/ ٤٦٩.
(٣) "المفهم" ٤/ ٦٠٢ - ٦٠٣.